الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المزهر في علوم اللغة ***
فيه أربعة فصول: وهو نوعان: أحدهما فيما يتعلق بأئمة اللغة والنحو. أبو الأسود الدؤلي: قال أبو الطيب اللغوي: اختلف في اسمه، فقال عمر بن شبَّة: اسمه عَمْرو ابن سُفيان بن ظالم، وقال: الجاحظ: اسمه ظالم بن عمرو بن سفيان. انتهى. أبو عمرو بن العلاء: اختلف في اسمه على واحد وعشرين قولاً: أصحّها زَبّان بزاي معجمة والبقية: جَبْر، جُنَيْد جَزْء، حُمَيْد، رَبّان براء مهملة عُتَيْبَة، عُثْمان، عُرْيان، عقبة، عمَّار، عَيَّار، عُيَيْنَة، فائد، قَبِيصة، مَحْبوب، محمد، يحيى، وقيل: اسمه كنيته، وسبب الاختلاف فيه أنه كان لجلالته لا يُسأل عن اسمه، قال أبو الطيب: أبو عمرو بن العلاء وأخوه أبو سُفْيان زعم النيسابوري أن اسميهما كنيتاهما. أبو الخطاب: الأخفش الكبير: اسمه عبد المجيد بن عبد الحميد؟ أبو جعفر الرؤاسي: محمد بن الحسن. أبو مالك: عمرو بن كِرْكِرَة. أبو زيد: سعيد بن أَوْس. أبو عبيدة: مَعْمَر بن المُثَنَّى. الأصمعي: عبد الملك بن قُرَيب. سيبويه: عمرو بن عثمان بن قَنْبَر. أبو محمد اليزيدي: يحيى بن المبارك، وولده إبراهيم صاحب كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه وولده الآخر محمد، وولدا محمد هذا: أبو جعفر أحمد، وأبو العباس الفضل. قُطْرب: محمد بن المستنير. أبو الحسن الأخفش الأوسط: سعيد بن مسعدة. الكِسائيّ: علي بن حمزة. أبو عمر الجَرْمي: صالح بن إسحاق. أبو عمرو الشيباني: إسحاق بن مرار. الفرَّاء أبو زكريا: يحيى بن زياد. اللِّحياني: علي بن حازم. أبو عثمان المازني: بكر بن محمد. الرّياشي: العباس بن الفرج. أبو حاتم السِّجسْتانيّ: سهل بن محمد. أبو نصر صاحب الأصمعيّ، ويقال: إنه ابن أخته: أحمد بن حاتم الباهلي. ابن الأعرابي: أبو عبد اللّه محمد بن زياد. أبو عبيد: القاسم بن سلام. المبرِّد أبو العباس: محمد بن يزيد. ثعلب أبو العباس: أحمد بن يحيى. ابن السِّكيت أبو يوسف: يعقوب بن إسحاق. الزَّجاج أبو إسحاق: إبراهيم. ابن السريّ أبو بكر بن السرَّاج: محمد بن السري. مَبْرَمان: محمد بن علي بن إسماعيل. أبو عثمان الأُشْنَانْدَاني: سعيد بن هارون. أبو بكر بن دُرَيْد: محمد بن الحسن. نِفْطويه: إبراهيم بن محمد بن عرفة. ابن قُتيبة أبو محمد: عبد اللّه بن مسلم. أبو الحسن بن كَيْسان: محمد بن أحمد. أبو منصور الأزهري: محمد بن أحمد بن الأزهري. أبو بكر الزُّبَيدي: محمد بن الحسن. أبو عمر الزاهد المطرز غلام ثعلب: محمد بن عبد الواحد. العزيزي أبو بكر: محمد بن عزيز. أبو الطيب: عبد الواحد بن علي. أبو بكر بن القوطية: محمد بن عمر. أبو علي القالي: إسماعيل بن القاسم البغدادي. الأنباري أبو محمد: القاسم محمد بن بشار؛ وولده الإمام أبو بكر: محمد بن القاسم. ابن فارس أبو الحسين: أحمد بن فارس. أبو جعفر النحاس: أحمد بن محمد بن إسماعيل. أبو نصر الجوهري صاحب الصِّحاح: إسماعيل بن حمَّاد. أبو علي الفارسي: الحسن بن أحمد. أبو سعيد السِّيرافي: الحسن بن عبد اللّه. ابن خالَوْيه: الحسين بن أحمد. ابن دَرَسْتَويه: عبد اللّه بن جعفر. أبو القاسم الزّجاجي: عبد الرحمن بن إسحاق. أبو الفَتح ابن جني: عثمان. كُراع: علي بن الحسن. الرُّمّاني: علي بن عيسى. أبو عبيد الهَرَوي صاحب الغريبين: أحمد بن محمد بن عبد الرحمن. أبو منصور الجواليقي: موهوب بن أحمد. الخطيب التِّبْريزي أبو زكرياء: يحيى بن علي. ابن سِيده: علي بن أحمد. الأعلم: يوسف بن سليمان. ابن بابشاذ: طاهر بن أحمد. ابن الخشاب: عبد اللّه بن أحمد. ان بري أبو محمد: عبد اللّه. أبو محمد البَطَلْيوسي: عبد اللّه بن محمد السيد. ابن القَطَّاع أبو القاسم: علي بن جعفر. الكمال أبو البركات ابن الأنباري: عبد الرحمن بن محمد. الزَّمخْشَري: محمود بن عمر. ابن الشَّجري: هبة اللّه بن علي. رضي الدين الصغاني: الحسن بن محمد. انتهى. القسم الثاني فيما يتعلق بشعراء العرب الذين يحتج بهم في العربية. امرؤ القيس بن حُجْر الكندي: في اسمه أقوال؛ قيل: عدي، وقيل: مُلَيْكة، حكاهما العسكري في كتاب التصحيف، وقيل: حُنْدُج، حكاه ابن يسعون في شرح شواهد الإيضاح. النابغة الذُّبياني: اسمه زياد بن معاوية. النابغة الجَعْدي الصحابي: اسمه قيس بن عبد اللّه. الأعشى: اسمه ميمون بن قيس. المتلمِّس: اسمه جرير بن عبد المسيح. تأبط شراً: اسمه ثابت بن جابر. الفَرَزْدق: اسمه همّام بن غالب. الأخطل: اسمه غياث بن غوث. الراعي: اسمه عبيد بن حصين. البَعيث: اسمه خِراش بن بشر. ذو الرُّمة: اسمه غَيْلان بن عقبة وهو الذي يقول: أنا أبو الحارث واسمي غيْلان القَطَامي: اسمه عمرو بن شُيَيْم. أبو النجم: اسمه الفضل بن قُدامة. العَجَّاج: اسمه عبد اللّه بن رؤبة.
وهو قسمان: القسم الأول أئمة اللغة والنحو. ميمون الأقرن: قال الخليل: كان يُكْنى أبا عبد اللّه نقله أبو الطيب. يحيى بن يَعْمَر: كنيته أبو سليمان، ذكره السِّيرافي. عبد اللّه بن أبي إسحاق الحضرمي: أبو بحر. عيسى بن عمر الثَّقفي: أبو عمر. يونس بن حبيب: أبو عبد الرحمن. مُعاذ الهرَّاء: أبو مسلم. الخليل بن أحمد: أبو عبد الرحمن. الأصمعي: أبو سعيد. سيبويه: قال أبو الطيب: كان يكنى أبا بشر وأبا الحسن وأبا عثمان، وأثبتُها أبو بشر. النَّضْر بن شميل يكنى أبا الحسن. المؤرج السُّدوسي يكنى أبا الفيل أو أبا الفَيْد. قُطْرُب: أبو عليّ. المفضل بن محمد الضبي: أبو العباس وقيل أبو عبد الرحمن. الكِسائي: أبو الحسن. الرّياشي: أبو الفضل. الثاني شعراء العرب. عقد لذلك ابن دُرَيْد باباً في الوشاح قال فيه: امرؤ القَيْس بن حُجْر: أبو الحارث. زهير بن أبي سُلمى: أبو بُجَير. نابغة بني ذُبيان: أبو أمامة وأبو عَقْرب. أوس بن حجر: أبو شُرَيح. لَبيد بن ربيعة: أبو عُقَيل. طَرَفة بن العبد: أبو عمرو. عَبِيد بن الأبرص: أبو دُودَان. الأعشى بن قَيس: أبو بَصير. أعشى هَمْدان: أبو المصبح. الحطيئة: أبو مُلَيْكة. الشّماخ: أبو سعد. مُزَرِّد: أبو ضرار. الأخطل: أبو مالك. عبد اللّه بن همام السَّلُولي: أبو عبد الرحمن. الكُمَيْت بن زيد: أبو المُسْتَهِل. يزيد بن مُفَرِّغ الحميري: أبو المُفَرِّغ. مهلهل بن ربيعة: أبو ربيعة. الأسود بن يَعْفُر: أبو نَهْشَل. عمرو بن معد يكرب: أبو ثور. عَدِيّ بن زيد: أبو عمر. بشر بن أبي خازم: أبو حاضر. الفرزدق: أبو فِراس؛ وكان يكنى في شبابه أبا مليكه. جرير: أبو حَزْرَة. الطرِمَّاح بن حكيم: أبو نصر. كُثيّر: أبو صَخْر. جميل: أبو عمرو. الأحوص: أبو عاصم. نُصيب: أبو مِحْجَن. عبد اللّه بن قيس الرُّقيَّات: أبو هاشم. عدي بن حاتم: أبو طريف. حاتم الطائي: أبو سَفّانة. عدي بن الرّقاع: أبو دؤاد. زيد الخيل: أبو مُكْنِف. كعب بن زهير: أبو المضرب. حسان بن ثابت: أبو الوليد. كعب بن مالك: أبو عبد اللّه. عبد اللّه بن رَواحة: أبو عمرو. عباس بن مِرْداس: أبو الهَيثم. عنترة العبسي: أبو المغَلِّس. عمر بن أبي ربيعة: أبو الخطاب. العجَّاج: أبو الشعثاء. رؤبة بن العجاج: أَبو الجحاف. تأبط شراً: أبو زهير. أمية بن أبي الصلت: أبو عثمان. ذو الرُّمة: أبو الحارث.
وهي قسمان: القسم الأول أئمة اللُّغة والنحو عَنْبسة الفيل: قال الزمخشري في ربيع الأبرار: لقب بذلك لأن مَعْدان أباه كان يروض فيلاً للحجاج. قلت: فينبغي أن يكون اللقب لأبيه لا له. سيبيويه:: لَقب إمام النحو، وهو لفظ فارسي، معناه رائحة التفاح؛ قيل: كانت أمه ترقصه بذلك في صغره، وقيل: كان من يلقاه لا يزال يَشَمُّ منه رائحة الطِّيب، فسمي بذلك، وقيل: كان يعتاد شم التفاح، وقيل: لُقِّب بذلك لِلَطَافَتِه لأن التفاح من لطيف الفواكه، البَطَلْيَوْسِي في شرح الفصيح: الإضافة في لغة العجم مقلوبة؛ كما قالوا: سيبويه، والسيب التفاح، وويْه رائحته والتقدير رائحة التفاح. قُطْرُب: لازم سيبويه، وكان يُدْلج إليه فإذا خرج رآه على بابه، فقال له: ما أنت إلاّ قُطْرُبُ ليل؛ فلقب به. المبرِّد: قال السِّيرافي: لما صنف المازني كتابه الألف واللام سأل المبرِّد عن دقيقِه وعويصهِ، فأجابه بأحسن جواب، فقال له: قم فأنت المبرِّد بكسر الراء أي المثْبِت للحق؛ فغيَّره الكوفيون، وفتحوا الراء. ثعلب: إمام الكوفيين اسمه أحمد بن يحيى. الأخفش: جماعة يأتون في نوع المتفق والمفترق. السِّكِّيت: والد أبي يوسف يعقوب بن السِّكِّيت، قال الحافظ أبو بكر الشِّيرازي في كتاب الألقاب: قال علي بن إبراهيم القطان القَزويني: سئل ثعلب: هل رأيت السِّكيت؟ فقال: نعم، وكان لي أخاً أو شبيهاً بالأخ، وكان سكِّيتاً كما سمي. شبّة: والد عمر بن شبة، اسمه يزيد؛ وإنما لقب شَبّة لأن أمه كان ترقصه وتقول: يا بِأَبي وشبَّا *** وعاش حتى دَبَّا ذكره الشِّيرازي في الألقاب. نِفْطَوَيْهِ: اسمه إبراهيم بن محمد بن عرفة، لقب بذلك تشبيهاً بالنِّفط لدَمَامَتِه وأدمته، وجعل على مثال سيبيويه في النحو إليه، قال الزَّمْلكانيّ في شرح المفصل: نِفْطَوَيْه يجوز فتح نونه، والأكثر كسرها، وقال ياقوت الحموي: قد جعله ابن بسام بضم الطاء وسكون الواو وفتح الياء. النبَّاح: قال ابن دَرَسْتويه في شرح الفصيح: كان أبو عمر الجَرْمي يلقب النباح لكثرة مناظرته في النحو وصياحه. سُبُّخْت: هو لقب لأبي عبيدة مَعْمر بن المُثَنَّى؛ أنشد ثعلب: فخذ من سلح كيسان *** ومن أظفار سُبُّخْت أبو القُنْدَيْن: لقب الأصمعي، قال أبو حاتم: قيل له ذلك لكبر خُصْييه، ذكره ابن سيده في المحكم. مُعاذ الهَرّاء: قال في الصِّحاح: قيل له ذلك، لأنه كان يبيع الثياب الهَرَوية. القسم الثاني ألقاب شعراء العرب. قال أبو عبد اللّه محمد بن داوود بن الجراح في كتابه الذي ألفه في إحصاء من يسمى عمراً من شعراء العرب في الجاهلية والإسلام: هاشم جد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اسمه عُمْرو، وكنيته أبو فضلة؛ وإنما سمي هاشماً لما قال مطرود بن كعب الخزاعي فيه: عمْرو العُلَى هَشَم الثريدَ لقومه *** ورجالُ مَكةَ مُسْنِتُون عِجافُ وفي الصِّحاح: إنما قيل مضر الحَمْراء وربيعة الفرس لأنهما لما اقتسما الميراث أعطى مضر الذهب وهو مؤنث، وأعطى ربيعة الخيل. وفي أمالي القالي: أخبرني أبو بكر قال: حدثني أبو عبد اللّه قال: حدثني محمد بن عبد اللّه القَحْطَبِي قال: إنما سُمِّي الأخْطل لأن ابني جُعَال تحاكما إليه أيُّهما أَشْعَر، فقال: لعمرك إنني وابني جُعَال *** وأمَّهما لإسْتار لَئِيم فقيل له: إن هذا الخَطَل من قولك، فسمي الأَخْطل. وكان الأخْطَل في صغره يلقب دَوْبلا؛ لأن أمه كانت ترقِّصه به، ذكره الأزدي في كتاب الترقيص. وفي نوادر ابن الأعرابي: الفِنْد اسمه شَهْل بن شيبان؛ وإنما سمي الفِنْد، لأنه قال يوم قَضّة: أما ترضوْن أن أكون لكم فِنْداً. وفي الغريب المصنف: قال الأصمعي: كان يقال لُطَفيل الغَنَوي في الجاهلية مُحبِّر، لتحسينه الشعر. وفي طبقات الشعراءِ لمحمد بن سلاّم: إنما سمي الفرزدق تشبيهاً لوجهه بالخُبْزة. وإنما سمي الراعي لكثرة وصفه الإبل وحُسْنِ نعته لها. وفي أمالي ثعلب: ندَّت إبل لإلياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان، فندَّت أولادُه في طلبها، وهم ثلاثة: عامر وعمرو وعُمير، فأدركها عامر فسمي مُدْرِكة، وأما عمر فاقتنص أرنباً، واشتغل بطبخها وقال: ما زلت في طَبْخ؛ فسمي طابخة، وأما عمير فانْقَمَع في البيت؛ فسمي قَمَعة؛ فلما أبطؤوا على أمهم ليلى خرجت في إثرهم فقال الشيخ لجارية لهم يقال لها نائلة: تقرفصي في إثر مولاتك؛ أي أسرعي، فقالت ليلى: ما زلت أُخَنْدِف في إثركم، أي أُهَروِل فسميت خِنْدِفاً، وقالت نائلة: أنا قَرْفَصْت في إثر مولاتي؛ فقال الشيخ: فأنت قرفاصة. وفي العمدة لابن رشيق: علقمة الفحل بن عبدة لُقّب بالفحل، لأن امرأ القيس خاصمه في شعره إلى امرأته، فحكمت عليه لعلقمة فطلقها، وتزوجها عَلْقمة فسمي الفحل لذلك، وقيل: بل كان في قومه آخر يسمى علقمة الخصيّ. وفي شرح المقامات للمطرزي: كان يقال للأعشى صنّاجة العرب؛ لكثرة ما تغنّت بشعره، وفي نوادر ابن الأعرابي: الأغْربة في الجاهلية يعني السودان عَنترة وخُفَافُ بن نُدْبَة السُّلَمى وندبة أمه وأبو عُمَيْر بن الحُبَاب السُّلَمي، وسُلَيْكُ بن السُّلَكة وهي أمه واسم أبيه يثربي، وهشام بنُ عُقْبة بن أبي مُعَيط، مخضرم، وتأبَّط شَرّاً، والشَّنْفرى. وفي الصِّحاح: كان عنترة العبسي يلقب الفَلْحاء لفَلَحة كانت به وهي شَقٌّ في الشَّفَة السفلى، وإنما لم يقولوا: الأفلح؛ ذهبوا به إلى تأنيث الشفة. وفيه الشُّويعر لقب محمد بن حمران الجُعْفي، لقبه بذلك امرؤ القيس بقوله: أبلغا عني الشُّويعرَ أني *** عَمْدَ عَيْنٍ قَلَّدتُهن حَريماً وفي المحكم: زعموا أن زياداً الذُّبياني قال الشعر على كبر السن، فسمي نَابغة وقيل: بل سُمِّي بذلك لقوله: قد نبغت لنا منهم شؤون وفي الصِّحاح: ماء السماء: لقب عامر بن حارثة الأزْدي، وهو أبو عمرو مُزيقياً سمي بذلك لأنه كان إذا أجدب قومُه مَا نَهم حتى يأتيهم الخِصْب، فقالوا: هو ماء السماء، لأنه خَلَفٌ منه، وماء السماء أيضاً لقب أم النذر بن امرئ القيس بن عمرو اللَّخْمِي، وهي ابنة عوف بن جُشَم بن النَّمِر بن قاسط؛ وسُمّيت بذلك لجمالها. وقال التِّبريزي في تهذييه: عُبَيْد اللّه بن قيس الرُّقيَّات، كان ابن الأنباري يختار الرفع ويقول: إنه لقب به لتشبيبه بثلاث نسوة أسماؤهن رُقَيَّة، وقال غيره: الرُّقَيَّات جداته فهو مضاف. وفي الصِّحاح: إنما أُضِيف إليهن لأنه تزوَّج عدة نسوة وافق أسماؤهن كلهن رُقَيّة، فنسب إليهن، هذا قول الأصمعي. وفي الصِّحاح: المنْتحِل لقب شاعر من هُذيل؛ وهو مالك بن عُوَيْمر، وجُهُنَّام لقب عمرو بن قَطَن من بني سعد بن قيس بن ثعلبة؛ وكان يهاجي الأعشى. وفي الأغاني: ثابت بن قُطْنة، هو ثابت بن كعب لقِّب قطنة، لأن سهماً أصابه في إحدى عينيه؛ فذهب بها فكان يجعل عليها قُطْنة. وقال ابن فارس في المجمل: حدثني أحمد بن شعيب عن ثعلبة قال: سمي الحُطيئة لدمَامتِه؛ والحطيئة: الرجل القصير. وقال ابن دريد في الجمهرة: نبغ الرجل؛ إذا قال الشعر بعد ما يُسِنّ، أو يكون مُفحَماً ثم ينطق به، وبه سميت النوابغ: الذُّبياني، والجَعْدي، والشَّيْباني. كر من لُقِّب ببيت شعر قاله قال ابن دُرَيْد في الوشاح: من الشعراء من غَلَبَتْ عليهم ألقابهم بشعرهم حتى صاروا لا يُعْرفون إلاّ بها. فمنهم منبه بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر، وهو أعصُر؛ وإنما سمي أعْصُر بقوله: عُمَيرُ إن أبَاكَ غيَّر لونَه *** مرُ الليالي واختلافُ الأَعْصُر ومنهم امرؤ القيس بن ربيعة بن مُرَّة التغلبِي، وهو مهَلهِل، سمي بقوله: مَا توعَّر في الكُراع هجينُهم *** هلْهَلْتُ أثأر جابراً أو صِنْبِلاً قلت: وفي طبقات الشعراء لمحمد بن سلاّم أن اسمه عديّ، وأنه سُمّي مُهَلهلاً لهْلهَلَة شعره، كهلهلة الثوب، وهو اضطرابُه واختلافه. وفي الصِّحاح: يقال: سُمّي مهلهلاً، لأنه أول من أرقّ الشعر. ومنهم معاوية بن تميم، وهو الشَّقِر، وسمي الشَّقِر بقوله: د أحمل الرمح الأصمّ كُعوبُه *** به من دماءِ القومِ كالشَّقِرات ومنهم قيل بن عمرو بن الهجيم، سمي بليلاً لقوله: وذي نَسَبٍ ناءٍ بعيد وَصَلْته *** وذي رَحمٍ بَلّلْتُها بِبِلاَلِها ومنهم عمرو بن سعيد بن مالك، سمي المرقِّش بقوله: الدارُ قَفْر والرُّسوم كما *** رَقّشَ في ظَهْرِ الأدِيمِ قَلَمْ ومنهم عبد اللّه بن خالد، سمي المِكْواة لقوله: وإني لأَكْوِي ذا النَّسَا من ظُلاَعِه *** وذا الفَلق المعمّى وأكْوي النَّوَاظرا ومنهم خالد بن عمرو بن مرة، سُمِّي الشَّرِيد بقوله: وأنا الشريد لمن يُعرّفُني *** حامِي الحَقِيقَةِ ما له مِثْلُ ومنهم عمر بن ربيعة، سُمِّي المستوغِر بقوله: يَنِشُّ الماء في الرَّبَلات منها *** نَشِيشَ الرَّضْف في اللبن الوَغِير ومنهم صُرَيم بن مَعْشَر التغلبِي، سُمِّي أُفْنوناً بقوله: منَّيْتِنَا الودَّ يا مَضْنون مَضْنُونا *** أزماننا إنّ للشّبانِ أُفْنُونا ومنهم شَاس بن نَهَار العَبْدِي، سُمي الممزَّق بقوله: فإن كنتُ مَأْكولاً فكُن خيرَ آكل *** وإلاّ فأَدْرِكْنِي وَلَمَّا أُمَزَّقِ ومنهم عائذ بن مِحْصَن العبدي، سمي المثقِّب بقوله: ظهرن بِكِلَّةٍ وسَدَلْنَ أخرى *** وثَقَّبْن الَوَصَاوِصَ لِلْعُيونِ ومنهم عامر بن زيد مَنَاة العَبْدي سُمي الحصيص بقوله: قَدْ حَصَّت البَيْضَةُ رأسَ امرئ *** جَلْدٍ على الأهوال صَبَّارِ ومنهم ربيعة بن ليث العبدي، سُمي المطلع بقوله: فإن لم أزُرْ سعدى بجُرْد كأنها *** صُدُورُ القَنَا يَطْلُعنَ من كل مَطْلعِ ومنهم مالك بن جَنْدل سُمي الذَّهَاب لقوله: وما سَيْرهن إذ علون قُرَاقِراً *** بذي أمم ولا الذَّهَّاب ذَهَّاب ومنهم جرير بن عبد المسيح الضَّبي، سُمي المتلمِّس بقوله: فهذا أوانُ العِرْضِ جُنّ ذُبَابُه *** زَنابيرُه والأزْرَقُ المتلَمِّسُ ومنهم زياد بن معاوية الذُّبياني، سُمي النابغة بقوله: وحلّت في بني القَيْن بن جَسْر *** وقد نبغَت لنا منهم شُؤون ومنهم مُعَاوية بن مالك، سُمي معوِّد الحُكَّام لقوله: أُعوِّدُ مثلها الحكامَ بَعْدِي *** إذا ما الأمرُ في الأشْيَاعِ نَابَا ومنهم مالك بن كعب بن عوف، سُمي الجوَّاب بقوله: لا تَسْقِنِي بيديك إن لم تَأْتِنِي *** رَقْصَ المطية إنني جوّابُ ومنهم جامع بن شَدّاد، سُمي مُرْخِية لقوله: وقد مدُّوا الزَّوَايا من لحيظ *** فرخُّوا المَحْضَ بالماء العُذَاب ومنهم مُعاذ بن سِنَان، سُمي الأقرع بقوله: مُعاوِيَ من يَرْقِيكُمُ إن أصابكُم *** شباحيَّة مما عدا القَفْرَ أقرَع ومنهم عامر بن عبد اللّه الكلْبي، سُمي المتمنِّي، بقوله: تمنيت إن أَلْقَى لميساً قَتْلتها *** وأَسْرَ ابن أبدى بالسيوفِ القَواضِب ومنهم امرؤُ القَيْسِ الأكبر بن بَكْر بن الحارث بن مُعَاوية الكِنْدي، سُمي الذَّائد بقوله: أَذُودُ القَوَافِي عَنِّي ذِياداً *** ذيادَ غلامٍ غويّ جَوَاداً ومنهم شُرَحْبيل بن مَعْدي كَرِب، سُمي العفيف بقوله: وقالت لي هلمَّ إلى التَّصابي *** فقلت عفَفتُ عما تَعْلَمينا ومنهم عامر بن المجنون الجَرْمي، سُمي مدرج الريح بقوله: أعَرَفْتَ رَسْماً من سُمَيّة باللِّوَى *** دَرَجَتْ عليه الريح بعدك فاسْتوَى ومنهم عامر بن سفيان البارقي، سُمي المُعقِّر بقوله: لها ناهضٌ في الجَوِّ قد نَهَدت له *** كما نَهَدت للبَعْلِ حسناءُ عاقرُ ومنهم قَيْس بن جرْوَة الطائي، سمي العَارِق بقوله: فإن لم تغيِّر بعضَ ما قد صَنَعْتُمُ *** لأَنْتَحِيَنْ لِلعَظْمِ ذُو أنَا عَارِقُهْ ومنهم جابر بن قَيْس الحارثي، سمي المحذق بقوله: وأحججتمو بالرَّكْبِ عنَّا وقلتم *** سقطنا على أمِّ الرُّبَيْق المحذَّق ومنهم مَرْثَد بن حُمْران الجُعْفِي، سمي الأشعر بقوله: فلا يَدْعُني قومي لسَعْدِ بن مالكٍ *** لِمَنْ أنا، لم أشْعُرْ عليهم وأَثْقب ومنهم ثعلبة بن امرئ القيس، سمي قاتل الجوع بقوله: قتلتُ الجوعَ في السنواتِ حتى *** تركتُ الجوعَ ليس له نَكِيرُ ومنهم عبد اللّه بن عمرو الجُعْفِيّ، سمي الخَلِج بقوله: كأنَّ تخالُجَ الأشطانِ فيهم *** شآبيبٌ تجودُ من الغَوادِي ومنهم عامر بن جابر الخُزاعي، سمي المُتَنَكّب بقوله: تنكَّبْتُ للحَربِ العَضُوضِ التي أَرَى *** ألا منْ يُحَارِبْ قَوْمَهُ يَتَنكّبِ ومنهم عبد اللّه بن قيس السهمي، سمي المبرق بقوله: فإن أنا لم أُبْرِق فلا يسَعَنّني *** من الأرض بَرٌّ ذو فَضَاءٍ ولا بَحْرُ ومنهم مالك بن جَنَاب الكلبي، سُمي الأصمّ بقوله: أصمّ عن الخَنَا إن قيلَ يوماً *** وفي غَيْر الخَنَا أُلْفَى سَمِيعاً ومنهم عُوَيف بن عُقْبة الفَزَاري، سمي عُوَيف القَوَافِي بقوله: سأُكْذِبُ مَنْ قد كان يزعم أنني *** إذا قلتُ قولاً لا أُجِيدُ القَوافيَا ومنهم خِدَاش بن بِشْر، سمي البَعِيث بقوله: تبعَّث مني ما تبعَّثَ بعد ما *** أُمِرَّت قُوَاي واستتمَّ غَرِيمي ومنهم نافع بن خَلِيفة الغَنَوي؛ سمي المُخلِّل بقوله: أزَبّ كلابيّ بَنَى اللؤمُ فَوقَه *** خباءً فلم تُهْتَكْ أَخِلَّتُه بَعْدُ ومنهم جابر الكلبي: سمي المَرْنِي بقوله: إذا ما مَشَى يُتْبِعْنَهُ عند خَطْوه *** عُيوناً مِرَاضاً طَرْفُهُنَّ رَوَانِيَا ومنهم غَيلان بن عُقْبَة سمي ذا الرُّمة بقوله: أشعثَ باقي رُمَّة التقليد ومنهم كريم بن معاوية، سمي الهِجفّ بقوله: ترجى ابنَ مُعْطٍ وِرْدَها وانْتَحى لها *** هِجَفّ جَفَتْ عنه المَعَالي فَأصْعَدا ومنهم يزيد بن ضِرار؛ سُمي المزرِّد بقوله: فقلت: تزرَّدها عبيدُ فإنني *** لِزَرْدِ المَوالي في السنين مُزَرِّد ومنهم الأَحْوى بن عوف، سُمي جَذيمة بقوله: جَذَمْت كفّي في الحياة فقد *** أوهنتني في المُقَام والسفر ومنهم قيس الحنان الجهني، سُمي بقوله: حَنَنْتُ على عديّ يوم ولَّوا *** لعمرك ما حَنَنْت على نَسيب ومنهم عمرو بنُ غُنْم الطائي، سُمي الصَّمُوت بقوله: صَمَتُّ ولم أكُنْ قِدْماً عَيِيّاً *** ألا إن الغريب هو الصَّمُوت ومنهم بَيْهَس بن خلف الفَزَاري سُمي بَيْهَس النعامة بقوله: لأطرقنّ حيَّهُم صباحاً *** لأبرُكَنّ بِرْكَةَ النَّعَامَة ومنهم عَمْرو بن عبد الدار اليَشْكُري، سُمي القَعْقَاع بقوله: فخرَّ أديمٌ حين غاب صَنَاعه *** وخرَّ خِبَاءٌ تحته يَتَقَعْقَع ومنهم طَرَفة، واسمُه عمرو بن العَبْد، سمي طَرَفة بقوله: لا تَعْجَلا بالبُكاء اليوم مُطَّرِفاً *** ولا أمِيريكُما بالدَّارِ إذْ وَقْفا ومنهم أخو تأبَّط شرّاً، سمي ريش لَغْب بقوله: وما كنت فَقْعاً نَابتاً بِقَرَارةٍ *** وما كنتُ رِيشاً من ذُنَابى ولا لَغْب ومنهم عديّ بن علقمة الجسري، سمي اللّجّاج بقوله: فما أنا باللَّجاج إن لم يُرَفِّعُوا *** ذَلاَذِلَ أَثْوَابٍ يَجُرُّونَها رُفْلاً ومنهم جِِرَان العَوْد العقيلي، سُمي بقوله: عَمدتُ لعَوْدٍ فانْتَحَيْتُ جِرَانَه *** وَلَلْكَيْسُ أمْضَى في الأَمورِ وأَنجَحُ ومنهم العجَّاج، سُمِّي بقوله: حتى يَعِجَّ ثَخَناً من عَجْعَجا ومنهم سيَّار بن رَبِيعَة اليَشْكُرِي، سمي المفترق بقوله: وعند بناتِ الصَّدْرِ مني قصائد *** أُنَهْنهُ من رَيْعَانِهنَّ وأُفْتَرِق ومنهم حسّان بن ثابت، سمي الحُسَام بقوله: فسوفَ يجيبكم عنه حُصَامٌ *** يصوعُ المُحْكمات كما يشَاءُ ومنهم أبو ذُؤَيْب الهُدَلي، سمي القطيل بقوله: عليه الصَّخر و الخَشبُ القَطِيل وقال القَالِى في أماليه: إنما سُمي الراعي لقوله: لها أمرُها حتى إذا ما تبوَّأتْ لأخفافها مَرْعًى تبوَّأ مَضْجَعاً فقيل: رَعى الرجل وقال ابن سَلاَّم في طبقاته: إنما سُمِّي البَعيث بقوله: تَبَعَّثَ مني ما تَبَعَّث بعد ما *** أُمِرَّت حبال كل مِرَّتها شزراً وفي الصِّحاح: ذو الخِرَق الطَّهَوي، سمي بذلك لقوله: لما رأت إبلي هَزْلَى حَمُولتها *** جاءت عِجَافاً عليها الرِّيش والخِرَقُ وفيه: الممزِّق لقب شاعر من عبد قيس بكسر الزاي، وكان الفراء يفتحها وإنما لقب بذلك لقوله: فإن كنت مأكولاً فكن خيرَ آكلٍ *** وإلاَّ فأدركْني ولما أُمَزَّقِ وقال الآمدي: الممزَّق قائل هذا البيت بالفتح، واسمه شاس بن نَهَار العَبْدي جاهلي، وأما الممزّق الحضرمي فبكسر الزاي مُتأَخِّر، وابنه عباد ولقبه المخرق، وله أشعار كثيرة، وهو القائل: إني المخرِّقُ أَعْرَاضَ الكرام كما *** كان الممزِّق أعراض اللِّئِام أَبِي ذكر من تَعَدَّدَتْ أسماؤُه أو كناه أو ألقابه عبد اللّه بن الصِّمة: أَخو دُريد بن الصِّمة، قال أبو عبيد في مقاتل الفرسان: كان له ثلاثة أسماء وثلاث كُنًى، وكان اسمه عبدَ اللّه ومَعْبَداً وخالداً؛ يكنى أبا فُرْعَان، وأبا أَوْفَى، وأبا ذُفافَة. شَهْل بن شيبان: كان يلقب الفِنْد، ويلقب أيضاً عدِيد الألف؛ وذلك أن بني حَنيفة أرسلته إلى أولاد ثَعْلَبة، حين طلبوا نَصْرهم على بني ثعلبة، فقالت بنو حنيفة: قد بعثنا إليكم ألف فارس؛ فلما قدم على بني ثَعْلبة، قالوا له: أين الألف؟ قال: أنا فكان يقال له عديد الألف، ذكره ابن الأعرابي في نوادره. امرؤ القيس بن حُجْر الكِنْدي: كان يلقب امرَأْ القيس ويلقب ذا القُروح، فقيل هو بالقاف وبالحاء المهملة آخره، قال ابن خَالَويْهِ في شرح الدريدية: لأن قيصر وَجَّه إليه بحُلّة مسمومة، فلما لبسِها أسرع السُّم فيه فتثقَّبَ لحمه؛ فسُمِّي ذا القُروح، وكذا قاله الجوهري في الصِّحاح، قال في الجمهرة: شَعْل بالشين معجمة وبالعين غير معجمة لقب تأبط شراً.
وهو أقسام: القسم الأول المنسوب إلى القبيلة صريحاً. كأبي الأسود الدُّؤَلي من ولد الدُّئِل بن بكر بن كِنَانة، قال السِّيرافي في طبقاته: قيل في النسب إلى دُئِل دُؤَلّي (بالفتح كما قالوا في نَمِر نَمَرِيّ بالفتح استثقالاً للكسرة، ويجوز تخفيف الهمزة فيقال: الدُّوَلي، بقلب الهمزة واواً مَحْضَة؛ لأن الهمزة إذا انفتحت وكان قبلها ضمة خففت بقلبها واواً. انتهى. والخليل بن أحمد أَزْدِي فَرَاهيدي؛ لأنه من ولد فَرَاهيد بن مالك بن فَهْم بن عبد اللّه بن مالك بن نصر بن الأزد. وأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري صَلِيبةً من الخزرج، ذكره محمد بن سعيد السِّيرافي في طبقاته. والمازني من بني مازن بن شَيبَان. القسم الثاني المنسوب إلى القبيلة ولاء كسيبويه، يقال له الحارثي؛ لأنه مولى بني الحارث بن كعب بن عمرو بن خالد بن أدد، ذكره السِّيرافي. وأبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش المُجاشعي مولى بني مُجاشع بن دارم، ذكره السِّيرافي أيضاً. وأبي عبيدة مَعْمَر بن المُثَنَّى التَّيْمي؛ تيم قريش، لا تَيْم الرِّباب، قال السِّيرافي: هو مولى لهم؛ وقال: هو مولى لبني عبد اللّه بن مَعْمَر التيمي. وأبي عمر الجَرْمي، قال السِّيرافي: هو مولى لجَرْم بن زَبَان، وجَرْم من قبائل اليمن. القسم الثالث المنسوب إلى البلد والوطن كالتّوّزي أبي محمد عبد اللّه بن محمد هو مولى لقريش، قال السِّيرافي: قال أبو العباس: كنا ندعوه أبا محمد القرشي، واشتهر بالنسبة إلى بلده تَوَّج أو توّز، وهي بلد بفارس. والسِّجِسْتاني أبي حاتم سهل بن محمد، منسوب إلى سِجِسْتَان. القسم الرابع المنسوب إلى جدّ له كالأصمعي نسب إلى جده أَصْمَع، وهو باهِلي النسب. والزِّيادي أبي إسحاق إبراهيم بن سفيان، من ولد زياد ابن أبيه، فنُسِب إليه. القسم الخامس المنسوب إلى لباسه كالكِسائي، في فوائد النَّجَيْرميّ بخطه: سُئل أبو عبد اللّه الطوال: كيف سمي الكِسائي؟ فقال: كان الناس يجالسون مُعاذ بن مسلم الهرّاء في الخُزُوز والثياب الفاخرة، وكان هو يجالسه في كساء رُوذباري فقيل له الكِسائي. القسم السادس من نُسِب إلى اسمه واسم أبيه قال ابن دريد في الجمهرة: النُّمَيْريّ الشاعر، هو ثَقَفِي، وإنما قيل له النُّميري لأنه اسمه نُمير بن أبي نمير. القسم السابع من نُسِب إلى مَن صَحِبه كأبي محمد يحيى بن المبارك اليزيدي؛ قال السِّيرافي: نسب إلى يزيد بن منصور، خال اليزيدي لصُحبَتِه إياه. القسم الثامن مَن نُسِب إلى مالك غير مُعْتِق كالرِّياشي أبي الفضل عباس بن الفرج، قال السِّيرافي: هو مولى محمد بن سليمان الهاشمي، ورياش رجل من جُذام، كان الفرج أبو العباس عبداً له، فبقي عليه نًسَبُه إلى رِيَاش. القسم التاسع من نسب إلى بعض أعضائه لكبره كالرُّؤاسي محمد بن الحسن الكوفي؛ سمي بذلك لأنه كان كبير الرأس. وأبي الحسن علي بن حازم اللِّحْياني، قال في الصِّحاح: لقب بذلك لعظم لحيته. القسم العاشر مَن نُسِب إلى أمه من ذلك محمد بن حبيبة؛ هي أمه ولا يعرف أبوه. والأشْهَب بن رميلة قال ابن سلام: هي أمه، واسم أبيه ثور أحد بني نَهْشَل بن دَارِم. وشبيب بن البَرْصاء، قال ابن سلام: هي أمه وأبوه يزيد بن حمزة. ويزيد بن الطَّثَرِية، قال ابن سلام، هي أمه وأبوه المنتشر أحد بني عمرو بن سلمة بن قُشير والطَّثَرِية حيّ من قُضَاعة؛ يقال لهم طَثْر ينسب إليها. وفي التهذيب للتِّبريزي: سويد بن كُراع العُكْلى: كُرَاع اسم أمه، فلذلك لا ينصرف واسم أبيه عمير.
فيه ثلاثة فصول:
من ذلك الأُبَّذي والأُنْدي: الأول بالباء الموحدة المشددة والذال المعجمة جماعة، والثاني بالنون الساكنة والدال المهملة عبد اللّه بن سليمان بن حفظ اللّه. الأنْباري والأبْياري: الأول بالنون ثم الموحّدة أبو محمد القاسم بن محمد بن بشار، والثاني بالموحدة ثم المثناة التحتانية علي بن سيف المصري. الجَريري والحَريري: الأول بالجيم المفتوحة المعافى بن زكريا، والثاني بالحاء المهملة القاسم بن علي الحريري البصري صاحب المَقَامات. الرَّندي والزيدي: الأول بالراء المهملة والنون: جماعة من أهل المغرب؛ منهم أبو علي عمر بن عبد المجيد شارح الجُمل، والثاني بالزاي والياء كثير. الزَّجَّاجي والزُّجَاجي: الأول بفتح الزاي وتشديد الجيم أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق صاحب الجُمل والأمَالي وغير ذلك، والثاني بضم الزاي وتخفيف الجيم يوسف بن عبد اللّه الجُرْجاني. السِّجْزي والشَّجَري: الأول بالسين المهملة المكسورة وسكون الجيم وبالزاي، أسامة بن سفيان من نُحَاة سِجسْتان، والثاني بالشين المعجمة المفتوحة وفتح الجيم وبالراء أبو السعادات هِبة اللّه بن الشَّجَري. ابن الصائغ وابن الضائع: الأول بالصاد المهملة والغين المعجمة كثير، والثاني بالضاد المعجمة والعين المهملة أبو الحسن علي بن محمد الكتامي الإشبيلي شارح الجُمل. الفالي والقالي: الأول بالفاء محمد بن سعيد السِّيرافي شارح اللُّباب، والثاني بالقاف أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي صاحب الأمالي والبارع في اللغة وغير ذلك، منسوب إلى قَالي قَلا، بلد من أعمال إرْمِينية. انتهى.
قال الآمدي في كتاب المؤتلف والمختلف: زياد في الشعراء: جماعة منهم النَّابغة الذُّبياني، ولهم شاعر يقال له ذياد بالذال المعجمة بن عزيز بن الحُوَيْرث بن مالك بن واقد.
قال القالي في أماليه: حدثنا أبو بكر بن الأنباري: حدثني أبي عن أشياخه قال: كل ما في العرب عُدَس بفتح الدال إلاَّ عُدُس بن زيد فإنه بضمِّها. وكل ما في العرب سَدوس بفتح السين إلاّ سُدُوس بن أصْمَع في طَيّئ. وكل ما في العرب فُرَافِصة بضم الفاء إلاّ فَرافِصة أبا نائلة امرأة عثمان بن عفّان رضي اللّه عنه. وكل ما في العرب مِلْكان بكسر الميم إلاّ مَلْكان بن حَزْم بن رَبَّان فإنه بفتحها. وقال محمد بن المعلي الأزدي في كتاب الترقيص: قال أبو جعفر المعبدي: كل شيء في العرب مُلَيح بضم الميم مفتوح اللام إلاّ الذي في كِنْدة فإنه مَلِيح بفتح الميم وكسر اللاَّم من رَبِيعة. وفي الصِّحاح: النَّاس بالنون اسم قيْس عيلان، وهو الناس بن مضر بن نزار، وأخوه إلياس بن مضر بالياء. وقال محمد بن حبيب في كتاب متشابه القبائل: كل شيء في العرب حارثة إلاّ جارية بن سَلِيط بن يَربوع، وفي سُلَيم جارية بن عبد، وفي الأنصار جارية بن عامر. وكل شيء في العرب أسامة بألف غير سامة بن لُؤَيّ. وكل شيء في العرب عبد شمس غير عبْشمس بن سعد في تميم، وعبشمس ابن آخر في طيئ؛ هكذا قال بسكون الباء فيهما، وذكر غيره: أن الذي في تميم عَبشمس بفتح الباء والذي في طيئ عِبشمس بكسر الباء. وكل شيء في العرب فهو حَبِيب سوى حُبَيْب بن عمرو في تغلب، وحُبَيْب بن جذيمة في قريش بالتصغير والتخفيف وسوى حُبَيِّب بن الجَهْم في النَّمِر، وحُبَيِّب بن كعب في بني يَشكر، وحُبَيِّب بن الحارث في ثَقِيف فإن الثلاثة بالتصغير والتشديد. وكل شيء في العرب جُشَم سوى جُثَم بن جذام في جُذَام، وسوى جيشم بن عبد مناة في كلب. وكل شيء في العرب جَسَّاس مشدد سوى جَسَاس بن نُشْبة في تَيْم الرِّباب فإنه مخفف. وكل شيء في العرب مُعَاوية سوى مَعْوِيَة بن امرئ القيس بن جَسْر في قُضاعة، وسوى مَعْوِيَة وهو أَجْرَم بن ناهش في خَثْعَم. وكل شيء في العرب شَيْبَان إلاّ سَيْبان بن الغَوْث في حِمْيَر. وكل شيء في العرب فَهْم بالفاء إلاّ قَهْم بن الجابر من هَمْدان فإنه بالقاف. وكلّ شيء من قبائل العرب فهو غَنْم بالغين والنون إلاّ عَثْم بن الرَّبْعَة بن رشدان بن قيس من جُهينة فإنه بالعين والثاء. وكلّ شيء في العرب أسيد فهو على فَعِيل سوى أُسَيْد بن عمرو في بني تميم، فإنه على مثال التصغير، وسوى سيد بن رزان في قيس فإنه على مثال فعل. وكل شيء في العرب خَلِيف بالخاء المعجمة إلاّ حلِيف بن مازن في خَثْعم فإنه بالحاء المهملة، وكل شيء في العرب من القبائل عَدِيّ مفتوح العين إلاّ عُديّ بن ثعلبة في طيئ، فإنه مضموم العين مشدد الياء. وكلّ شيء في العرب حرْب ساكن إلاّ اسمين: حُرَب بن مظلَّة في مَذْحِج، وحرب بن قاسط في قُضاعة. وفي الأزد حُدان بن شمير بن عمرو بضم الحاء المهملة، وفي تميم حَدان ابن قريع بفتح الحاء المهملة. وفي ربيعة جَدان بفتح الجيم بن جَدِيلة وفي أَسَد خَدان بفتح الخاء المعجمة بن هرّ، وفي هَمْدان ذو حُدان بالضم بن شراحيل. وفي طيئ هَذَمة بن عتّاب بفتحتين وفي مُزَينة هُذْمة بن لاطم بضم الهاء وسكون الذال. وفي خُزاعة حَبَشِيَّة بن سكون بفتح الحاء والباء وفي مُزَينة حُبْشية بن كعب بضم الحاء وسكون الباء. كل اسم في العرب دِجاجة بكسر الدال فأما الدَّجاج من الطير فمفتوح الدال. وفي عَدْوان لَهَب بن عمرو بفتح اللام والهاء وفي الأزْد لِهْب بن أحجن بكسر اللام وسكون الهاء. وفي مُضَر ضَبّة بن أُدّ بن طَابِخة، وفي قريش ضَبَّة بن الحارث بن فهر بن مالك، وفي هذيل ضَبَّة بن عمرو؛ الثلاثة بفتح الضاد وبالباء الموحدة، وفي قُضَاعة ضِنّة بن سعد، وفي عُذْرة ضِنّة بن عبد، وفي أسد ضِنّة بن الحَلاَّف، وفي الأزد ضِنّة بن العاص، الأربعة بكسر الضاد وبالنون. كل امرئ القيس في العرب فالمنسوب إليه مَرْئِيّ مقصور؛ مثال مَرْعِيّ إلاّ امرَأ القيس من كندة يقال للرجل منهم مَرْقَسِيّ. كل اسم في العرب يزيد إلاّ تزيد بن حُلْوان من قُضَاعة، وتزيد بن جُشم من الأنصار. وفي بني تميم شَقَرة وهو معاوية بن الحارث، وشَقَرة بن نَبْت بن أُدَد أخو عدنان محرك مفتوح وفي ضَبّة شَقْرة بن ربيعة، وفي عبد القيس شَقْرة بن بكرة. كل شيء في العرب فهو حَرام إلاّ حِزام بن هلال في قيس. وفي ربيعة يشكر بن بكر، وفي مراد يشكر بن عمير، وفي الأزد يشكر بن مُبَشِّر، وفي بني قيس يشكر بن الحارث، وفي الأزد يشكر بن عمرو. وفي قيس قُرَيع بن الحارث، وفي محارب قُرَيع بن حبيب، وفي تميم قُرَيْع بن عوف، وفي عبد القيس فُرَيع بالفاء وهو ثعلبة بن معاوية، وفي بجيلة فزيع بن فتيان بالفاء والزاي، وفي الأزد قزيع بن بكر بالقاف والزاي. وفي المشاكهة للأزدي: في العرب عُدثان بن عبد اللّه بن زهران بضم العين وبالثاء المثلثة وفيهم عَدَنان بفتح العين والدال وبالنون بن عبد اللّه من الأزد، وعَدْنان أبو معدّ بن عَدْنان مفتوح العين مسكن الدال. وقال الأزدي في كتاب الترقيص: قال هشام بن محمد: ليس في العرب سَلِمة بكسر اللام إلاّ في الخَزْرَج وبَجيلة، وغيرهما سَلمة بفتح اللام. قال هشام: وكل شيء في العرب فُرافِصَة بضم الفاء إلاّ فَرافصة بن الأحوص. وفي تهذيب الإصلاح للتبريزي: الدُّئل من كنانة ينسب إليهم أبو الأسود الدُّؤَلي مفتوحة مهموزة، والدُّول في حنيفة ينسب إليهم الدُّولي، والدِّيل في عبد القيس ينسب إليهم الدِّيلي.
فيه ثلاثة فصول:
الأخفش أحدَ عَشَر نحوياً: أحدهم: الأخفش الأكبر أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد أحد شيوخ سيبويه. والثاني: الأخفش الأوسط أبو الحسن سعيد بن مسعدة تلميذ سيبويه، مات سنة عشر ومائتين؛ وقيل بعدها. والثالث: الأخفش الأصغر أبو الحسن علي بن سليمان، من تلامذة المبرِّد وثعلب، مات سنة خمس عشرة وثلثمائة. والرابع: أحمد بن عمران بن سلامة الألهاني مصنف غريب الموطَّأ، مات قبل الخمسين ومائتين. والخامس: أحمد بن محمد الموصلي أحد شيوخ ابن جِنِّي، مصنف كتاب تعليل القراءات. والسادس: خلف بن عمرو اليشكري البَلَنسي مات بعد الستين وأربعمائة. والسابع: عبد اللّه بن محمد البغدادي من أصحاب الأصمعي. والثامن: عبد العزيز بن أحمد الأندلسي من مشايخ ابن عبد البر. والتاسع: عليّ بن محمد الإدْريسي، مات بعد الخمسين وأربعمائة. والعاشر: عليّ بن إسماعيل بن رجاء الفاطمي. والحادي عشر: هارون بن موسى بن شريك القارئ، مات سنة إحْدَى وسبعين ومائتين. سيبويه أربعة: أحدهم: إمام العربية عمرو بن عثمان بن قَنْبَر. والثاني: محمد بن موسى بن عبد العزيز المصري. والثالث: محمد بن عبد العزيز الأصبهاني. والرابع: أبو الحسن عليّ بن عبد اللّه الكومي المغربي. ثعلب: اثنان: أشهرهما: الإمام أبو العباس أحمد بن يحيى. والثاني: محمد بن عبد الرحمن. نِفطَوية: اثنان: المشهور إبراهيم بن محمد بن عرفة، والآخر: أبو الحسن علي بن عبد الرحمن المصري. ابن دُرَيد: اثنان: المشهور: أبو بكر محمد بن الحسن الأزدي. والآخر: يحيى بن محمد بن دُرَيد الأسَدي. الأعلم: اثنان: أشهرهما: يوسف بن سليمان الشَّنْتَمَري. والآخر: إبراهيم بن قاسم البَطْلَيوسي. ابن يعيش: ثلاثة: أشهرهم: موفق الدين يعيش بن عليّ بن يعيش الحلبي. والثاني: عمر بن يعيش السنوسي. والثالث: خلف بن يعيش الأصبحي. ابن هشام: جماعة: الأول: عبد الملك بن هِشام صاحب السيرة والمغازي. الثاني: محمد بن يحيى بن هشام اللَّخْمي. والثالث: الشيخ جمال الدين عبد اللّه بن يوسف بن هشام الحنبلي المتأخر صاحب التصانيف المشهورة. فائدة حيث أَطْلَقَ أبو عُبيد في الغريب المصنف أبا عمرو فهو الشَّيْباني فإن أراد أبا عمرو بن العلاء قَيّده، وحيث أطلق النحاة أبا عمرو فمرادهم ابن العلاء. وحيث أطلق البصريون أبا العباس فالمراد به المبرِّد، وحيث أطلقه الكوفيون فالمراد به ثَعْلَب، ذكره ابن الزَّمْلَكاني في شرح المُفَصَّل، وحيث أطلق في كتب النحو الأخفش فهو الأوسط، فإن أريد الأكبر أو الأصغر قَيَّدوه.
امرؤ القيس: جماعة: منهم امْرُؤ القيس بن حُجر الكِنْدِيّ، وامْرُؤ القيس مُهَلْهل بن ربيعة، وامرؤ القيس بن حُمَام بن عبيدة، وامرؤ القيس بن عَمْرو بن مُعَاوية بن السمط بن ثور، وامرؤ القيس بن النعمان بن الشقيقة بن عانس الكِنْدي، وامرؤ القيس ابن الأَصبَغ الكلْبِي، وامرؤ القيس بن بكر الذَّائد الكندي، وامرؤ القيس بن الفَاخِر بن الطَّمَّاح الخولاني؛ وامرؤ القيس الكندي الملقب الجَفْشِيش، وامرؤ القيس بن عديّ من عُليم، وامرؤ القيس بن جبلة السَّكُونيّ، وامرؤ القيس بن عمرو بن الحارث السَّكوني، وامرؤ القيس ابن بحر الزُّهَيْري، وامرؤ القيس بن كِلاب بن رازم العُقَيْلِي، وامرؤ القيس بن مالك الحميري. النوابغ: أربعة فيما ذكر ابن دُرَيد في الوشاح: نابغة بني ذُبيان زياد بن معاوية، ونابغة بني جعْدة قيس بن عبد اللّه، ونابغة بني الحارث يزيد بن أبان، ونابغة بني شيبان جمل بن سعدانة، الأعْشى جماعة؛ فيما ذكر ابن دُرَيد في الوِشَاح، والآمدي في المؤتلف والمختلف: أعشى بني قَيس ميمون بن قيس، وأَعشى بَاهِلة عامر بن الحارث، وأعشى بني تغْلب عمرو بن الأيهم، وأعشى بني ربيعة صالح بن خارجة، وأعشى بني هَمْدان عبد الرحمن بن مالك؛ وأعشى بني مالك بن سعد؛ راجز من رهط؛ العجَّاج، وأعشى بني طِرْوَد من بني سليم بن منصور وهو زَرْعة بن السائب، وأعشى بني أسد قيس بن بجرة، وأعشى بني نهشل الأسود بني يَعْفُر، وأعشى بني مازن من تميم، وأعشى بني معروف اسمه جشمة، وأعشى عُكْل اسمه كَهْمَش، وأعشى بني عُقَيل اسمه مُعاذ، وأعشى بني مالك بن سعد، والأعشى التغلبي اسمه نعمان بن نجران، وأعشى بني عوف بن همام واسمه ضَابئ، وأعشى بني ضَوْزَة اسمه عبد اللّه، وأعشى بني جِلاَّن اسمه، سلمة، والأعشى بن النباش بن زرارة التيمي. الطّرمّاح، اثنان: أحدهما الطِّرِمّاح بن حكيم، والآخر الطّرِمّاح الأجاني، ذكره التبريزي في تهذيبه. نُصَيب: ثلاثة: أحدهم نُصَيب الأسود المرْواني، والثاني نُصَيب الأبيض الهاشمي، والثالث نُصيب بن الأسود، ذكرهم التِّبْرِيزي في تهذيبه.
قال ابن حبيب في كتاب مُتّفق القبائل: في قَيْس عَيْلان شَكَل بن الحارث، وفي بني كلْب شَكَل بن يَرْبوع. وفي بني مُضر: الغَوْث بن مُرّ بن أُدّ، وفي بني بَجِيلة: الغَوْث بن أنمار، والغَوْث بن طيئ، وفي الأزد: عليّ بن مسعود بن مازن، وفي طيئ علي بن تميم بن ثعلبة، وفي بني بجيلة علي بن أنيع، وفيها أيضاً علي بن مالك، وفي سعد العشيرة علي بن أنس اللّه، وفي الأزد علي بن مسعود، وفي ربيعة علي بن بكر. وفي قُرَيش: هُصَيْص بن كعب بن لؤي، وفي هَمْدان: هُصَيْص بن الحارث، وفي طيئ: هُصَيْص بن كعب بن مالك، وفي قيس هُصَيْص؛ وهو عويم بن كعب. وفي تميم: القُلَيْب بن عمرو بن تميم، وفي أسد القُلَيْب بن عمرو بن أسد. وفي مُضَر: طَابخة بن إلياس بن مضر، وفي قُضاعة: طَابخة بن ثعلب، وفي هُذَيل طَابخة بن لحيان، وفي جذام طابخة بن الهُون. وفي مَعَد: إياد بن نِزار بن معد، وفي الأزد: إياد بن سود. وفي خُزاعة: كُليب بن حَبَشية، وفي تميم: كُلَيب بن يَرْبوع، وفي هَوازِن: كليب بن ربيعة بن عامر، وفي تغلب: كُلَيب بن ربيعة بن الحرث. وفي الأنصار: الأَوْس بن جارية بن ثعلبة، وفي ربيعة: الأوس بن تَغْلب، وفي خُزاعة: الأَوْس بن أفصى. وفي قَيْس: ذُبيان بن بغيض، وفي الأزد: ذُبيان بن ثعلبة بن الدّول، وفي بَجيلة ذُبيان بن ثعلبة بن معاوية، وفي ربيعة ذُبيان بن كنانة، وفي هَمْدان ذبيان بن مالك، وفيها أيضاً ذُبيان بن عليان. وفي قُضاعة: جَرْم بن زَبّان، وفي بجيلة: جَرْم بن عَلْقَمة، وفي طيئ جَرْم وهو ثعلبة بن عمرو، وفي عابلة جَرْم بن شعل. وفي قُضاعة: كلب بن وبرة، وفي بَجيلة: كلب بن عمرو، وفي كِنَانَة: كلب ابن عوف. وفي ربيعة بن نزار: تيم اللّه بن ثعلبة بن كنانة، وفي الأنصار تيم اللّه وهو النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخَزْرَج، وفي الأزد: تيم اللّه بن حفال، وفي خثعم تَيْم اللّه بن مبشر. وفي ربيعة عِجْل بن لُجَيم، وفي النَّمر عِجْل بن معاوية، وفي بني يَشْكر عجل ابن كعب. وفي مُضر: أسد بن خزيمة بن مدركة، وفي مَذْحج أسد بن مسيلة، وفي قريش أسد بن عبد العزى بن قصيّ، وفي مَذْحِج أسد بن عبد مناة، وفيها أيضاً أسد بن مرّ ابن صدي، وفي الأزد أسد بن الحارث، وفي ربيعة أسد بن ربيعة بن نزار. وفي قيس: غَطَفان بن قيس بن سعد، وفي جُذام: غَطَفان بن سعد بن إياس، وفي جُهينة: غطفان بن قيس بن جهينة، وفي إياد غطفان بن عمرو. وفي مضر: أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيّ، وأمية الأصغر أيضاً بن عبد شمس، وأمية الأصغر، هم العَبَلات منهم العَبْلي الشاعر، وفي الأنصار أمية بن زيد بن مالك، وفي طيء أمية بن عدي، وفي قضاعة أمية بن عصيبة، وفي إياد أمية ابن حذافة. وفي قُضَاعة عُذْرة بن سعد، وفي كلب عُذْرة بن زيد اللات، وعُذْرة بن عَدِيّ، وفي الأزد: عُذْرة بن عداد. وفي قيس: غُراب بن ظالم، وفي طيء غراب بن جذيمة. وفي قريش، سَهْم بن هُصَيص، وفي قيس سَهْم بن مرّة، وسَهْم بن عمرو، وفي هُذَيْل سَهْم بن معاوية. وفي قريش: مخزوم بن يقظة بن مرّة بن كعب، وفي هُذيل مخزوم بن باهلة، وفي عَبْس مخزوم بن مالك. وفي قريش: مُحارب بن فهر بن مالك بن النضر، وفي قيس محارب بن خصفة ابن قيس بن عيلان بن مضر. وقال الأزدي في كتاب الترقيص: الضُّبَيْعَات ثلاثة: ضُبَيْعَة بن قيس بن ثعلبة، وضُبَيْعة بن عِجْل بن لُجَيْم، والأكبر ضُبَيْعَة بن رَبيعة، قال الشاعر: قتلنا به خيرَ الضُّبَيعات كلها *** ضُبَيْعَة قيس لا ضُبَيْعة أضْجَما
أبو الأسود الدؤلي: قال أبو الطيب: قال أبو حاتم: ولد في الجاهلية، وقال غيره: مات في طاعون الجارف سنة تسع وستين. أبو عمرو بن العلاء: مات سنة أربع وقيل سنة تسع وخمسين ومائة بطريق الشام. عيسى بن عُمَر الثَّقَفِي: مات سنة تسع وأربعين وقيل: سنة خمسين ومائة. يونس بن حبيب الضبَّي: ولد سنة تسعين، ومات سنة اثنين وثمانين ومائة. الخليل بن أحمد: مات سنة خمس وسبعين ومائة، وقيل: سنة سبعين، وقيل: سنة ستين وله أربع وسبعون سنة. أبو زيد أوْس بن سعيد الأنصاري: مات سنة خمسَ عشرة، وقيل: أربع عشرة، وقيل: ست عشرة ومائتين وله ثلاث وتسعون سنة. أبو عُبيدة: ولد سنة اثنتي عشرة ومائة، ومات سنة تسع، وقيل ثمان وقيل عشرة وقيل إحدى عشرة ومائتين. خَلَف الأحمر: مات في حدود ثمانين ومائة. الأصمعي: ولد سنة ثلاث وعشرين ومائة، ومات في صفر سنة ست عشرة، وقيل خمس عشرة ومائتين. سيبويه: مات بِشِيرَاز، وقيل بالبيضا سنة ثمانين ومائة، وعمره اثنتان وثلاثون سنة، قاله الخطيب البغدادي، وقيل: نَيَّف على الأربعين، وقيل مات بالبصرة سنة إحدى وستين، وقيل: سنة ثمان وثمانين، وقال ابن الجوزي: مات بساوَة سنة أربع وتسعين. النَّضْر بن شُمَيل: مات سنة ثلاث وقيل سنة أربع ومائتين. أبو محمد اليزيدي يحيى بن المبارك: مات بخُراسان سنة اثنتين ومائتين وله أربع وسبعون سنة. ولده إبراهيم: مات سنة خمس وعشرين ومائتين. ولده الآخر محمد: مات بمصر لما خرج إليها مع المعتصم وذلك في سنة. أولاد محمد هذا: أبو جعفر أحمد مات قبيل سنة ستين ومائتين. وأبو العباس الفضل مات سنة ثمان وسبعين ومائتين. المؤرِّج بن عَمْرو السدوسي: مات سنة خمس وتسعين ومائة، وقيل: عاش إلى بعد المائتين. عليّ بن نصر الجَهْضَمِيّ: مات سنة سبع وثمانين ومائة. قُطْرُب: مات سنة ست ومائتين. أبو الحسن الأخفش: مات سنة عشر، وقيل خمس عشرة، وقيل: إحدى وعشرين ومائتين. الكِسائي: مات بالرِّي سنة تسع وثمانين ومائة، جزم به أبو الطيب وقيل سنة اثنتين وثمانين، وقيل سنة ثلاث وثمانين، وقيل سنة اثنتين وتسعين. أبو عمرو الشيباني: مات سنة ست أو خمس ومائتين، وقيل سنة ثلاث عشرة، وقد بلغ مائة سنة وعشر سنين، وقيل وثماني عشرة. الفرّاء: مات بطريق مكة سنة سبع ومائتين، وله سبع وستون سنة. أبو عمر الجَرْمي: مات سنة خمس وعشرين ومائتين. أبو محمد عبد اللّه بن محمد التوَّزي: مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. المازني: مات سنة تسع أو ثمان وأربعين ومائتين، كذا قال الخطيب. وقال غيره: سنة ثلاثين. الرِّياشيك: قتله الزِنج بالبصرة، وكان قائماً يصلِّي الضحى في مسجده سنة سبع وخمسين ومائتين. أبو حاتم السِّجِسْتاني: مات سنة خمسين أو خمس وخمسين أو أربع وخمسين أو ثمان وأربعين ومائتين، وقد قارب التسعين. ابن الأعرابي: ولد ليلة مات أبو حنيفة لإحدى عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة خمسين ومائة، ومات سنة إحدى وثلاثين، وقيل ثلاث وثلاثين ومائتين. أبو عُبَيد: مات بمكة سنة ثلاث أو أربع وعشرين ومائتين، وقيل سنة ثلاثين وله سبع وستونز المبرِّد: ولد سنة عشر ومائتين ومات سنة اثنتين، وقيل: خمس وثمانين ومائتين. ثعلب: ولد سنة مائتين، ومات في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين. ابن السكِّيت: مات في رجب سنة أربع وأربعين ومائتين. الزَّجَّاج: مات سنة إحدى عشرة وثلثمائة. أبو بكر بن دُرَيد: ولد سنة ثلاث وعشرين ومائتين، ومات بعُمان في رمضان سنة إحدى عشرة وثلثمائة. ابن قُتَيْبة: ولد سنة ثلاث عشرة ومائتين، ومات سنة سبع وستين. ابن كَيْسان: قال الخطيب: مات سنة تسع وتسعين ومائتين، وقال ياقوب: هذا سهو بلا شك؛ ففي تاريخ أبي غالب أنه مات سنة عشرين وثلثمائة. الأزهري صاحب التهذيب: ولد سنة اثنتين ومائتين، ومات سنة سبعين. أبو علي القالي: ولد سنة ثمان وثمانين ومائتين، ومات سنة ست وخمسين وثلثمائة. أبو بكر الزّبيدي؛ صاحب مختصر العين: مات سنة تسع وسبعين وثلثمائة. أبو عمر الزاهد: ولد سنة إحدى وستين ومائتين، ومات سنة خمس وأربعين وثلثمائة. أبو الطيب اللّغوي: مات بعد الخمسين وثلثمائة. ابن القُوطِيّة: مات سنة سبع وستين وثلثمائة. القاسم الأنْبَاري: مات سنة أربع وثلثمائة. وولده الإمام أبو بكر: ولد سنة إحدى وسبعين ومائتين، ومات سنة ثمان عشرة وثلثمائة. أبو الحسين أحمد بن فارس: مات سنة خمس وتسعين وثلثمائة. أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس: مات غريقاً في النيل سنة سبع أو ثمان وثلاثين وثلثمائة. أبو علي الحسن بن أحمد الفارسي: مات سنة سبع وسبعين وثلثمائة. محمد بن سعيد السِّيرافي الفالي: ولد قبل السبعين ومائتين، ومات ببغداد في رجب سنة ثمان وستين وثلثمائة. الجوهري: صاحب الصِّحَاح: مات في حدود الأربعمائة. أبو عبد اللّه الحسين أحمد بن خَالَوَيْهِ: مات سنة سبعين وثلثمائة أبو محمد بن دَرَسْتَويْه: ولد سنة ثمان وخمسين ومائتين، ومات سنة سبع وأربعين وثلثمائة. أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزّجاجي: مات بطبَرية سنة تسع وثلاثين، وقيل: أربعين وثلثمائة. أبو الفتح عثمان بن جنّي: ولد قبل الثلاثين وثلثمائة، ومات سنة اثنتين وتسعين. كُرَاع: مات في حدود عشر وثلثمائة. علي بن عيسى الرّماني: ولد سنة ست وسبعين ومائتين، ومات سنة أربع وثمانين وثلثمائة. الهَروي- صاحب الغَرِيبي: مات سنة إحدى وأربعمائة. أبو منصور موهوب بن أحمد الجَواليقي: مات في المحرم سنة خمس وستين وأربعمائة. أبو الحسن علي بن سِيدَه الأندلسي الضرير: مات سنة ثمان وخمسين وأربعمائة عن نحو ستين سنة. أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التِّبريزي: ولد سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، ومات فجأة سنة اثنتين وخمسمائة. الأعلم: ولد سنة عشر وأربعمائة؛ ومات سنة ست وسبعين وأربعمائة. ابن بابشاذ النحوي: مات سنة تسع وستين وأربعمائة. عبد اللّه بن أحمد الخشاب: مات سنة سبع وستين وخمسمائة. أبو محمد عبد اللّه بن بري: مات سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. أبو إسحاق بن السيد البَطْلَيوسي: ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ومات سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. أبو القاسم علي بن جعفر السعدي اللغوي المعروف بابن القَطَّاع: ولد سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، ومات سنة خمس عشرة وخمسمائة. الكمال بن الأنباري: مات سنة سبع وسبعين وخمسمائة. أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري: ولد سنة سبع وستين وأربعمائة، ومات سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. ابن الشَّجَري: ولد سنة خمسين وأربعائة، ومات سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. الإمام رضيّ الدين الصغاني: ولد سنة سبع وسبعين وخمسائة، ومات سنة خمسين وستمائة. جمال الدين بن مالك: ولد سنة ستمائة، ومات في شعبان سنة اثنتين وسبعين وستمائة. الرضي الشاطبي: ولد سنة إحدى وستمائة، ومات بالقاهرة المُعزية سنة أربع وثمانين. أبو حَيَّان الإمام أثير الدين: ولد سنة أربع وخمسين وستمائة؛ ومات في صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة. القاضي مجد الدين صاحب القاموس: ولد سنة تسع وعشرين وسبعمائة، ومات في شوال سنة ست عشرة وثمانمائة.
قال ابن فارس في فقه اللغة: الشعرُ كلام موزونٌ مقفّى، دالّ على معنى، ويكون أكثرَ من بيت، وإنما قلنا هذا لأنه جائز اتفاق سطر واحد بوزن يشبه وزنَ الشعر عن غير قصد، فقد قيل: إنَّ بعض الناس كَتَبَ في عُنوان كتاب: للإمام المسيِّب بن زُهَيْرٍ *** من عِقَالِ بن شَبَّة بن عِقال فاستوى هذا في الوزن الذي يسمى الخفيف، ولعل الكاتب لم يقصِد به شعراً. وقد ذكر نَاسٌ في هذا كلمات من كتاب اللّه تعالى: كَرِهْنَا ذِكْرَها، وقد نزّه اللّه سبحانه كتابَه عن شَبَهِ الشعر، كما نزَّه نبيه صلى الله عليه وسلم عن قوله. فإن قال قائل: فما الحكمةُ في تنزيه اللّه تعالى نَبيّه عن الشعر؟ قيل له: أولُ ما في ذلك حكم اللّه تعالى بأنَّ {الشُّعَرَاءَ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ وأنَّهُمْ في كلِّ وَادٍ يَهيمُونَ وأنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ}. ثم قال: {إلاَّ الذين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات} ورسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم وإن كان أفضلَ المؤمنين إيماناً، وأكثر الصالحين عملاً للصالحات فلم يكن ينبغي له الشِّعر بحال، لأن للشعر شرائط لا يسمَّى الإنسان بغيرها شاعراً، وذلك أن إنساناً لو عمل كلاماً مستقيماً موزوناً، يتحرَّى فيه الصدق من غير أن يُفْرِط؛، أو يتعدى أو يَمين، أو يأتي فيه بأشياء لا يمكن كونها بَتَّة لما سماه الناس شاعراً، ولكان ما يقوله مَخْسولاً ساقطاً. وقد قال بعض العقلاء- وسئل عن الشعر- فقال: إن هَزل أضْحك، وإن جَدَّ كذب، فالشاعر بين كذب وإضحاك؛ وإذ كان كذا فقد نزّه اللّه نبيه صلى الله عليه وسلم عن هاتين الخَصلتين وعن كل أمر دَنِيّ. وبعد؛ فإنا لا نكاد نرى شاعراً إلاّ مادحاً ضارعاً، أو هاجياً ذا قَذَع، وهذه أوصافٌ لا تصلح لنبيّ، ِفإن قال: فقد يكونُ من الشعر الحكمة كما قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «إن من البيان لسِحْراً، وإن من الشِّعْر لحكمة» أو قال: «حُكْماً» قيل له: إنما نزه اللّه نبيه عن قيل الشعر لما ذكرناه، فأما الحكمةُ فقد آتاه اللّه من ذلك القِسْمَ الأجزل، والنصيبَ الأوفر في الكتاب والسُّنَّة. ومعنى آخر في تنزيهه عن قيل الشعر؛ أن أهل العَرُوض مُجْمِعُون على أنه لا فرق بين صناعة العَرُوض وصناعة الإيقاع، إلاّ أن صناعة الإيقاع تَقْسِم الزمان بالنَّغَم، وصناعة العروض تقسم الزمان بالحروف المسم،عة؛ فلما كان الشعر ذا ميزان يناسب الإيقاع، والإيقاعُ ضرب من الملاهي لم يصلح ذلك لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وقد قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «ما أنَا من دَدٍ ولا دَدٌ مِني». ثم قال ابن فارس: والشعر ديوان العرب، وبه حفظت الأنساب وعُرِفت المآثر، ومنه تُعُلِّمت اللغة، وهو حُجَّة فيما أشكل من غريب كتاب اللّه، وغريب حديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وحديث صاحبته والتابعين، وقد يكون شاعرٌ أشعر، وشِعْرٌ أحلى وأظرف؛ فأما أن تتفاوت الأشعار القديمة حتى يتباعد ما بينها في الجودة فلا؛ وبكلٍّ يُحتج، وإلى كل يُحتاج، فأما الاختيارُ الذي يراه الناس للناس فشهوات؛ كلٌّ يستحسن شيئاً. والشعراء أُمَراء الكلام، يَقْصرون الممدود، ويَمُدُّون المقصور، ويُقَدِّمون ويؤخرون، ويومِئون ويشُيرون، ويختلسون ويُعيرون ويَسْتعيرون، فأمّا لحنٌ في إعراب، أو إزالة كلمة من نَهج صواب فليس لهم ذلك. وقال ابن رشيق في العمدة: العرب أفضل الأمم، وَحِكْمَتُها أشرف الحِكَم كفضل اللسان على اليد، وكلام العرب نوعان: منظوم ومنثور؛ لكل نوع منهما ثلاث طبقات: جيدة ومتوسطة ورديئة، فإذا اتفقت الطبقتان في القَدْر، وتساوتا في القيمة؛ ولم يكن لإحداهما فضل على الأخرى كان الحكم للشعر ظاهراً في التسمية؛ لأن كل منظوم أحسنُ من كل منثور من جنسه في معترف العادة؛ ألا ترى أن الدُّرَّ وهو أخو اللفظ ونسيبُه، وإليه يقاس وبه يشبّه إذا كان منظوماً يكون أظهر لحسنه، وأصْونَ له، وكذلك اللفظ إذا كان منثوراً تَبَدَّد في الأسماع، وتَدَحْرَجَ في الطباع، ولم يستقر منه إلاّ المفرطة في اللطف فإذا أخذه سِلْكُ الوَزْنِ وعِقْد القافية تألفت أشْتاته، وازدوجت فرائده، وأمن السرقة والغَصب، وقد أجمع الناس على أن المنثور في كلامهم أكثر، وأقلّ جيداً محفوظاً، وأن الشعرَ أقلُّ، وأكثر جيداً محفوظاً؛ لأن في أدناه من زينة الوزن والقافية ما يقارب به جَيِّد المنثور. وكان الكلامُ كله منثوراً، فاحتاجت العرب إلى الغِناء بمكارم أخلاقها، وطَيِّب أعراقها، وذكرِ أيامها الصالحة، وأوطانها النازحة، وفُرسَانها الأَنجاد، وسمحائها الأجواد؛ لتهزّ نفوسها إلى الكرم، وتدل أبناءها على حسن الشيم؛ فتوهموا أعاريض فعملوها موازين للكلام، فلما تم لهم وزنه سموه شعراً، لأنهم قد شَعروا به؛ أي فَطِنوا له. وقال: ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون، فلم يُحفظ من المنثور عُشْره ولا ضاع من الموزون عشره، فإن احتج أحد على تفضيل النثر على الشعر بأن القرآن منثور وقد قال تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاه الشِّعرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}، قيل له: إن اللّه بعث رسوله آية وحجة على الخلْق، وجعل كتابه منثوراً ليكون أظهر برهاناً بفضله على الشعر الذي من عادة صاحبه أن يكون قادراً على ما يحب من الكلام، وتحدَّى جميع الناس من شاعر وغيره بعمل مثله، فأعجزهم ذلك فكما أن القرآن أعجَز الشعراء وليس بِشِعْر، كذلك أعجزَ الخطباء وليس بخُطبة، والمترسلين وليس بترسل، وإعجازُه الشعراء أشدُّ برهاناً؛ ألا ترى العرب كيف نسبوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشعر لَمَّا غُلِبوا وتبين عجزهم فقالوا: هو شاعر لمَا في قلوبهم من هيبة الشعر وفخامته، وأنه يقع منه ما لا يُلحَق؛ والمنثور ليس كذلك، فمن هنا قال تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}؛ أي لتقوم عليكم الحجة ويصح قِبَلكم الدليل. قال ابنُ رشيق: وكانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنَّأتها بذلك، وصنعت الأطعمة، واجتمع النساء يلعبْن بالمزَاهِر كما يصنعن في الأعراس، وتتباشر الرجال والولْدَان؛ لأنه حِماية لأعراضهم، وذَبٌّ عن أحسابهم، وتخليد لمآثرهم، وإشادَةٌ لِذِكْرِهِمْ؛ وكانوا لا يهنئون إلاّ بغلام يولد، أو شاعر ينبغ فيهم، أو فرس تُنتج. وقال محمد بن سلام الجمحي في طبقات الشعراء: لا يحاط بشعر قبيلة واحدة من القبائل العرب، وكان الشِّعْر في الجاهلية عند العرب ديوانَ علمهم، ومنتهى حكمتهم، به يأخذون وإليه يَصِيرون.
قال ابن عوف عن ابن سِيرين: قال: قال عمرُ بن الخطاب رضي اللّه عنه: كان الشِّعْرُ علم قوم لم يكن لهم علم أصحُّ منه، فجاء الإسلامُ فتشاغلت عنه العرب، وتشاغلوا بالجهاد وغزو فارس والروم ولَهَتْ عن الشعر وروايته؛ فلما كثر الإسلام وجاءت الفتوح، واطمأنَّ العرب بالأمصار، راجعوا رواية الشعر، فلم يَئِلُوا إلى ديوان مُدَوَّن، ولا كتاب مكتوب، وألفوا ذلك وقد هلك من العرب مَنْ هلك بالموت والقتل، فحفظوا أقلَّ ذلك؛ وذهب عنهم منه كثير، وقد كان عند آل النعمان بن المنذر منه ديوان فيه أشعار الفحول، وما مُدِح به هو وأهل بيته، فصار ذلك إلى بني مروان؛ أو ما صار منه. قال يونس بن حبيب: قال أبو عمرو بن العلاء: ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلاّ أقلُّه ولو جاءكم وافراً لجاءكم عِلْمٌ وشِعر كثير. قال محمد بن سلاّم الجُمَحي: ومما يدلّ على ذهاب الشعر وسقوطه قلةُ ما بأيدي الرواة المصحِّحين لطرفة وعَبيد؛ اللَّذين صحَّ لهما قصائد بقدر عشر وإن لم يكن لهما غيرهن؛ فليس موضعهما حيث وضعا من الشهرة والتَّقْدِمة، وإن كان ما يروى من الغث لهما فليسا يستحقان مكانهما على أفواه الرواة، ويروى أن غيرهما قد سقط من كلامه كلام كثير، غير أن الذي نالهما من ذلك أكثر، وكانا أقدم الفحول، فلعل ذلك لذلك، فلما قل كلامُهما حُمِل عليهما حملاً كثيراً. أولية الشعر ولم يكن لأوائل العرب من الشِّعر إلاّ الأبيات يقولها الرجل في حاجته؛ وإنما قُصِّدت القصائد، وطوّل الشعر على عهد عبد المطَّلب، أو هاشم بن عبد مناف، وذلك يدل على إسقاط عاد وثمود وحمير وتُبَّع فمن قديم الشعر الصحيح قول العَنْبر ابن عمرو بن تميم، وكان مجاوراً في بَهْراء، فَرَابه رَيْبٌ فقال: قد رَابَني من دَلْوَى اضطرابها *** والنأي في بهراء واغترابها إلاَّ تجئْ ملأى يجئ قرابها *** ومما يروى من قديم الشعر قول دُويد بن زيد بن نَهْد حين حضره الموت: اليوم يُبنى لدُوَيْد بيتُه *** لو كان للدَّهر بِلًى أَبْلَيْتُه أو كان قِرني واحداً كَفَيْتُه *** يا رُبَّ نَهْب صالح حَويْتُه ورب غَيْلٍ حسنٍ لويتُه *** ومعصم مخضب ثنيته ومن قدماء الشعراء أعصر بن سعد بن قَيْس عيلان بن مضر، وهو مُنْبه أبو باهلة وغنيّ والطُّفاوة. ومنهم المستوغر بن ربيعة بن كعب بن نَهْد، وكان قديماً، وبقي بقاء طويلاً حتى قال: ولقد سئمتُ من الحياةِ وطُولها *** وازدَدْتُ من عَدَدِ السنين مِئينا مائة أتت من بعدها مائتان لي *** وازدَدْتُ من عدد الشهور سِنينا ومنهم زهير بن جَنَاب الكلْبي، كان قديماً شريفاً وهو القائل: إذا قالت حَذام فصدِّقوها *** فإنَّ القولَ ما قَالتْ حَذَام ومنهم جَذِيمة الأبْرش، ولجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل؛ وهو القائل: من كل ما نالَ الفتى *** قد نلته إلاّ التحِيّه وقال امرؤ القيس بن حُجْر: عُوجَا على طَللِ الديار لَعلَّنا *** نبكي الدِّيارَ كما بكى ابن حِذام وهو رجل من طيّئ، لم نسمع شعره الذي بكى فيه، ولا شعراً غير هذا البيت الذي ذكره امرؤ القيس. وكان أول من قصَّد القصائد، وذكر الوقائع المهلهل بن ربيعة التغْلِبيّ في قتل أخيه كليب؛ قال الفرزدق: ومهلهل الشعراء ذاك الأول *** وزعمت العرب أنه كان يتكثَّر ويدَّعِي في قوله بأكثر من فعله.
وكان شعراء الجاهلية في ربيعة، أولهم المهلهل وهو خال امرئ القيس بن حُجْر الكِنْدِيّ، والمُرَقِّشان، والأكبر منهما عم الأصغر، والأصغر عم طَرَفة بن العبد، واسم الأكبر عَوْف بن سعد، واسم الأصغر عمرو بن حَرْملة، وقيل ربيعة بن سفيان. ومنهم سعد بن مالك، وطَرَفة بن العبد، وعَمْرو بن قَمِيئة، والمتلمِّس، وهو خال طرفة، والأَعْشى والمُسَيِّب بن عَلَس، والحارث بن حلِّزة، ثم تحوَّل الشعر في قَيس، فمنهم النابغتان وزهير بن أبي سلمى، وابنه كعب، ولبيد، والحطيئة، والشَّمَّاخ، وأخوه مُزَرِّد، وخِدَاش بن زهير، ثم آل إلى تميم فلم يزل فيهم إلى اليوم؛ ومنهم كان أَوْس بن حَجَر شاعر مُضَر في الجاهلية، لم يتقدمه أحد منهم حتى نشأ النابغة وزهير فأخملاه، وبقي شاعرَ تميم في الجاهلية غير مدافَع؛ وكان الأصمعي يقول: أوْس أشعر من زُهَير ولكنّ النابغة طَأطأ منه، وكان زهير راوية أَوْس، وكان أوس زوج أم زهير. وقال عمر بن شبّة في طبقات الشعراء: للشعر والشعراء أولٌ لا يُوقَفُ عليه؛ وقد اختلف في ذلك العلماء، وادَّعت القبائلُ كلّ قبيلة لشاعرها أنه الأول، ولم يدّعوا ذلك لقائل البيتين والثلاثة؛ لأنهم لا يُسَمون ذلك شعراً، فادَّعت اليَمانية لامرئ القيس، وبنو أسد لعبيد بن الأبرص، وتَغْلِب لِمُهَلْهل، وبكر لعمرو بن قَمِيئة والمرقِّش الأكبر وإياد لأبي دُؤَاد، قال: وزعم بعضهم أن الأفوه الأوْدِي أقدمُ من هؤلاء، وأنه أول من قَصَّد القصيد؛ قال: وهؤلاء النفر المدَّعى لهم التقدم في الشعر متقاربون، لعل أقدَمهم لا يسبق الهجرة بمائة سنة أو نحوها. وقال ثعلب في أماليه: قال الأصمعي: أول مَنْ يُروَى له كلمة تبلغ ثلاثين بيتاً من الشعر مهلهل، ثم ذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم، ثم ضَمْرة، رجل من بني كنانة، والأضبط بن قريع، قال: وكان بين هؤلاء وبين الإسلام أربعمائة سنة، وكان امرؤ القيس بعد هؤلاء بكثير. وقال ابن خالوية في كتاب ليس: أول من قال الشعر ابن حِذام.
وقال ابن رشيق في العمدة: المشاهير من الشعراء أكثر من أن يُحَاطَ بهم عدداً، ومنهم مشاهير قد طارت أسماؤهم، وسار شعرهم، وكثر ذكرهم، حتى غلبوا على سائر من كان في زمانهم، ولكل أحد منهم طائفة تُفَضِّلُه وتتعصَّب له، وقلما تجتمع على واحد إلاّ ما رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم في امرئ القيس أنه أشعر الشعراء وقائدهم إلى النار يعني شعراء الجاهلية والمشركين، قال دِعْبِل بن علي الخُزاعي: ولا يقود قوماً إلاّ أميرهم. وقال عمر بن الخطاب للعباس بن عبد المطلب وقد سأله عن الشعراء: امرؤ القيس سابقهم، خَسَف لهم عين الشعر، فافتقر عن معان عُورٍ أَصَحَّ بَصَر. قال عبد الكريم: خسف لهم من الخَسِيف وهي البئر التي حُفِرت في حجارة، فخرج منها ماء كثير، وقوله: افْتقر أي فَتح؛ وهو من الفقير، وهو فم القناة، وقوله: عن معان عُور؛ يريد أن امرأ القيس من اليمن، وأن أهل اليمن ليست لهم فصاحة نزار، فجعل لهم معاني عوراً فتح امرؤ القيس أصح بصر؛ فإن امرأ القيس يماني النسب نزاري الدار والمنشأ. وفَضَّله علي رضي اللّه عنه بأن قال: رأيته أحسنَهم نادرة، وأسبقَهم بادرة، وأنه لم يقل لرغبة ولا لرهبة. وقد قال العلماء بالشعر: إن امرأ القيس لم يتقدم الشعراء لأنه قال ما لم يقولوا؛ ولكنه سبق إلى أشياء فاستحسنها الشعراء، واتَّبَعوه فيها؛ لأنه أول من لطَّف المعاني، ومن استوقف على الطلول، ووصف النساء بالظباء والمَهَا والبَيْض، وشبه الخيل بالعِقْبانِ والعصي، وفَرَق بين النسيب وما سواه من القصيدة، وقرّب مأخذ الكلام؛ فَقَيَّد الأوَابِد وأجاد الاستعارة والتشبيه، وحكى محمد بن سلام الجمحي: أن سائلاً سأل الفرزدق مَنْ أَشْعَرُ الناس؟ فقال: ذو القُرُوح، وسئل لبيد: من أشعر الناس؟ فقال: الملك الضِّلِّيل، قيل: ثم مَنْ؟ قال: الشاب القتيل، قيل: ثم من؟ قال: الشيخ أبو عَقيل يعني نفسه. وكان الحُذَّاق يقولون: الفحول في الجاهلية ثلاثة وفي الإسلام ثلاثة متشابهون: زهير والفرزدق، والنابغة والأخطل، والأعشى وجرير. وكان خلف الأحمر يقول: أجمعهم الأعشى، وقال أبو عمرو بن العلاء: مَثَلُه مثل البازي، يضرب كبير الطير وصغيره، وكان أبو الخطاب الأخفش يُقدِّمه جداً، لا يقدِّم عليه أحداً. وحكى الأصْمعيّ عن ابن أبي طرفة: كفاك من الشُّعَراء أربعة: زهير إذا رَغِب، والنابغة إذا رهب، والأعشى إذا طَرِب، وعنترة إذا كَلِب، وزاد قوم وجرير إذا غضب. وقيل لكُثَيِّر أو لنُصَيْب: من أشعر العرب؟ فقال: امرؤُ القيس إذا رَكِبَ، وزهير إذا رَغِب، والنابغة إذا رَهِب، والأعشى إذا شَرِب. وكان أبو بكر رضي اللّه عنه يقدم النابغة ويقول: هو أحسنهم شعراً، وأعذبهم بحراً، وأبعدهم قَعْراً. وقال محمد بن أبي الخطاب في كتابه الموسوم بجمهرة أشعار العرب: إن أبا عُبَيدة قال: أصحابُ السبع التي تسمى السِّمط: امرؤُ القيس، وزُهير، والنابغة، والأعشى، ولَبيد، وعمرو، وطَرَفة. قال: وقال المفضَل: من زعم أن في السبع التي تسمى السِّمْط لأحد غير هؤلاء فقد أبطل، وأسقطا من أصحاب المعلقة عنترة والحارث بن حلّزة، وأثبتا الأعشى والنابغة. وكانت المعلقات تسمى المُذَهَّباتُ، وذلك أنها اختيرت من سائر الشعر، فكتبت في القُبَاطِيّ بماء الذهب، وعلِّقت على الكعبة؛ فلذلك يقال: مُذَهَّبة فلان إذا كانت أجود شعره، ذكر ذلك غيرُ واحد من العلماء. وقيل: بل كان الملك إذا استجيدت قصيدة يقول: عَلِّقوا لنا هذه لتكون في خِزَانته. وقال الجُمحي: سأل عكرمة بن جرير أباه جريراً: مَنْ أشعر الناس؟ قال: أعَن الجاهلية تَسألني أم الإسلام؟ قال: ما أردت إلاّ الإسلام، فإذْ ذكرتَ الجاهلية فأخْبِرني عن أهلها، قال: زهير شاعرهم، قال: قلت: فالإسلام؟ قال: الفرزدق نَبْعة الشعر، قلت: والأخطل؟ قال: يجيد مدح الملوك، ويصيب صفة الخمر، قلت: فما تركتَ لنفسك؟ قال: دعني فإني نحرت الشعر نحراً، وسئل الفرزدق مرة: من أشعر العرب؟ فقال: بشر بن أبي خازم، قيل له: بماذا؟ قال: بقوله: ثوى في مَلْحَدٍ لا بد منه *** كفى بالموت نأياً واغتراباً ثم سئل جرير، فقال: بِشر بن أبي خازم، قيل له: بماذا؟ قال: بقوله: وهينُ بِلًى وكلُّ فَتًى سيْبَلَى *** فَشُقِّي الجيبَ وانْتَحبي انْتِحَابا فاتفقا على بِشْر بن أبي خازم كما ترى. وكتب الحجاجُ بنُ يوسف إلى قُتيبة بن مسلم يسألُه عن أشعر الشعراء في الجاهلية، وأشعر شعراء وقته، فقال: أشعرُ الجاهلية امرؤ القيس، وأَضْربَهُم مثلاً طَرَفَة؛ وأما شعراء الوقت فالفرزدق أفخرُهم، وجريرٌ أهجاهم، والأخطلُ أوصفهم. وأما الحُطَيئة فسُئِل: مَنْ أشعر الناس؟ فقال: أبو دؤاد حيث يقول: لا أعُدّ الإقتار عُدْماً ولكن *** فَقْدُ مَنْ قد رُزِئْتُه الإعدام وهو وإن كان فحلاً قديماً، وكان امرؤ القيس يتوكأ عليه، ويَرْوِي شعره، فلم يقل فيه أحد من النُّقَاد مقالَة الحطيئة. وسأله ابن عباس مرة أخرى فقال: الذي يقول: ومَنْ يجعل المعروف من دون عِرْضِه *** يَفِرْهُ ومن لا يَتَّقِ الشتَم يُشْتَم وليس الذي يقول: ولستَ بِمُسْتبِقٍ أخاً لا تَلُمُّه *** على شَعَثٍ، أيُّ الرجال المهذب؟ ولكن الضَّراعة أفسدته كما أفسدت جَرْولاً، واللّه لولا الجشع لكنت أشعر الماضين، وأما الباقون فلا شك أني أشعرهم، قال ابن عباس: كذلك أنت يا أبا مُلَيكة. زعم ابن أبي الخطاب أن أبا عمرو يقول: أشعر الناس أربعة: امرؤ القيس، والنابغة، وطَرَفة، ومهلهل، قال: وقال المفضل: سئل الفرزدق فقال: امرؤ القيس أشعر الناس وقال جرير: النابغة أشعر الناس، وقال الأخطل: الأعشى أشعر الناس، وقال ابن أحمر: زهير أشعر الناس، وقال ذو الرُّمة: لَبيد أشعر الناس، وقال نَضْر بن شُمَيْل: طَرَفة أشعر الناس، وقال الكُمَيْت: عمرو بن كلثوم أشعر الناس، وهذا يدلك على اختلاف الأهواء وقلة الاتِّفَاق. وكان ابن أبي إسحاق، وهو عالم ناقد، ومقدّم مشهور، يقول: أشعر الجاهلية مُرَقِّش الأكبر. وأشعر الإسلاميين كُثَيِّر، وهذا غُلوّ مُفْرِط، غير أنهم مُجْمِعون على أنه أَوَّلُ من أطال المدح. وسأل عبدُ الملك بن مَروان الأخطلَ: مَنْ أشعر الناس؟ فقال: العبد العَجْلاني، يعني ابن مُقْبل، قال: بم ذاك؟ قال: وجدتُه في بَطْحَاء الشعر والشعراء على الجَرْفين، قال: أعرف له ذلك كرهاً! وقيل لنُصَيْب مرة: من أشعر العرب؟ فقال: أخو تميم؛ يعني عَلْقَمة بن عَبَدة، وقيل: أَوْس بن حَجَر. وليس لأحد من الشعراء بعد امرئ القيس ما لزهير والنابغة والأعشى في النُّفُوس، والذي أتت به الرواية عن يونس بن حبيب الضبي النحوي أن علماء البَصْرَةِ كانوا يقدمون امرأ القيس، وأن أهل الكوفة كانوا يقدمون الأعشى، وأن أهل الحجاز والبادية كانوا يقدمون زهيراً والنابغة، وكان أهل العالية لا يعدلون بالنابغة أحداً؛ كما أن أهل الحجاز لا يعدلون بزهير أحداً. ثم قال محمد بن سلاَّم يرفعه عن عبد اللّه بن عباس أنه قال: قال لي عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: أنشِدْنِي لأشعر شعرائكم، قلت: ومَنْ هو يا أمير المؤمنين؟ قال: زهير، قلت: وكان كذلك؟ قال: كان لا يُعَاظِل بين الكلام ولا يتبع حُوشِيّة، ولا يمدح الرجل إلاّ بما فيه. ثم قال ابن سلاَّم: قال أهل النظر: كان زهير أحصفَهم شعراً، وأبعدَهم من سُخْف، وأجمَعهم لكثير من المعاني في قليل من المنطق، وأما النابغة؛ فقال مَنْ يحتج له: كان أحسنَهم ديباجةَ شعر، وأكثَرهم رَوْنَقَ كلام؛ وأجْزَلَهم بيتاً؛ كان شعرُه كلاماً ليس فيه تكلف، وزعم أصحاب الأعشى أنه أكثرهم عروضاً، وأذهبهم في فنون الشعر، وأكثرهم طويلة جيدة؛ مدحاً وهجاء وفخراً وصفة، وقال بعض مُتَقَدِّمي العلماء: الأعشى أشعر الأربعة، قيل له: فأين الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأَ القيس بيده لواءُ الشعر؟ فقال: بهذا الخبر صحَّ للأعشى ما قلت، وذلك أنه ما من حامل لواء إلاّ على أمير، فامرؤ القيس حامل اللواء والأعشى الأمير. وسئِل حسان بن ثابت رضي اللّه عنه مَنْ أشعر الناس؟ فقال: أرَاحِلاً أم حيّاً؟ قيل: بل حياً؛ قال: أشعر الناس حيّاً هذيل، قال محمد بن سلام الجمحي: وأشعر هُذَيْل أبو ذؤيب غير مُدافَع، وحكى الجُمَحِيّ قال: أخبرني عمرو بن مُعاذ المعريّ قال: في التوراة مكتوب أبو ذؤيب مؤلف زوراً، وكان اسم الشاعر بالسريانية مؤلف زوراً، فأخبرت بذلك بعضَ أصحاب العربية، وهو كثير بن إسحاق فأعجب منه، وقال: بلغني ذلك. وقال الأصمعي: قال أبو عمرو بن العلاء: أفصح الشعراء ألسناً وأعربهم أهل السَّرَوات؛ وهنّ ثلاث، وهي الجبال المطَّلة على تِهامة مما يلي اليمن؛ فأولها هُذيل؛ وهي تلي الرمل من تهامة؛ ثم عليه السراة الوسطى وقد شركتهم ثقيف في ناحية منها، ثم سَرَاة الأزد، أزد شَنُوءة وهم بنو الحارث بن كعب بن الحارث بن نَصْر بن الأزْد. وقال أبو عمرو أيضاً: أفصح الناس عُلْيا تميم وسُفْلى قيس. وقال أبو زيد: أفصح الناس سافلةُ العالية، وعالية السافلة، يعني عَجُز هوازن وأهل العالية أهل المدينة ومن حولها ومن يليها ودنا منها، ولغتهم ليست بتلك عنده. وقوم يرون تقدمة الشعر لليمن في الجاهلية بامرئ القيس، وفي الإسلام بحسَّان ابن ثابت، وفي المولَّدين بالحسن بن هانئ وأصحابه، وأشعرُ أهل المَدِر بإجماع من الناس والاتفاق حسان بن ثابت. وقال أبو عمرو بن العلاء: ختم الشعر بذي الرُّمة، والرجز برؤْبة العجّاج. وزعم يونس: أن العجَّاج أشْعَرُ أهلِ الرَّجَز والقصيد، وقال: إنما هو كلام؛ وأجودهم كلاماً أشعرهم، والعجَّاج ليس في شعْره شيء يستطيع أحد أن يقول: لو كان مكانه غيره لكان أجود، وذكر أنه صنع أُرجَوزَته: قد جَبَر الدِّين الإلهُ فجبرْ *** في نحو من مائتي بيت، وهي موقوفة مقيدة، ولو أطلقت قوافيها وساعد فيها الوزن لكانت منصوبة كلها. وقال أبو عبيدة: إنما كان الشاعر يقول من الرجز البيتين والثلاثة ونحو ذلك إذا حارب، أو شاتم، أو فاخر؛ حتى كان العجَّاج أول من أطاله وقَصَّدَه، وشَبَّب فيه، وذكر الديار واستوقف الركاب عليها، واستوصف ما فيها، وبكى على الشَّباب، ووصف الراحلة، كما فعلت الشعراء بالقصيد، فكان في الرُّجاز كامرئ القيس في الشعراء. وقال غيره: أولُ من طوّل شعر الرجز الأغلب العِجْلي، وهو قديم، وزعم الجُمَحِيّ وغيره أنه أول من رجز. وقال ابن رشيق في العمدة: ولا أظن ذلك صحيحاً؛ لأنه إنما كان على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ونحن نجد الرَّجز أقدم من ذلك. وكان أبو عبيدة يقول: افتتح الشعر بامرئ القيس وختم بابن هَرْمة. وقالت طائفة: الشعراء ثلاثة: جاهلي، وإسلامي، ومولد، فالجاهلي امرؤ القيس، والإسلامي ذو الرُّمة، والمولد ابن المعتز، وهذا قول من يُفَضِّل البديع وخاصة التشبيه على جميع فنون الشعر، وطائفة أخرى تقول: بل الثلاثة: الأعشى، والأخطل، وأبو نواس، وهذا مذهب أصحاب الخمر وما ناسبها، ومَنْ يقول بالتصرف وقلة التكلف،وقال قوم: بل ثلاثة: مهلهل، وابن أبي ربيعة، وعباس بن الأحنف، وهذا قول من يؤثر الأنفة، وسهولة الكلام، والقدرة على الصنعة والتجويد في فن واحد، وليس في المولدين أشهر اسماً من الحَسَن، ثم حبيب، والبُحْتُري، ويقال: إنهما أخملا في زمانهما خمسمائة شاعر كلهم مجيد، ثم تبعهما في الاشتهار ابن الرومي، وابن المعتز، وطار اسم المعتز حتى صار كالحَسَن في المولدين وامرئ القيس في القدماء، ثم جاء المتنبي فملأ الدنيا، هذا كله كلام ابنِ رَشِيق.
ثم قال: باب المقلين من الشعراء ولما كان المشاهير من الشعراء كما قدمت أكثر من أن يحصوْا ذكرت من المقلّين من وسع ذكره في هذا الموضع: فمنهم: طرفة بن العبد، وعَبيد بن الأبرص، وعَلْقمة الفحل، وعدي بن زيد؛ وطرفةُ فضل الناس بواحدة عند العلماء وهي المعلقة: لِخَوْلَةَ أَطْلاَلٌ ببرقة ثَهْمَدِ *** وله سواها يسير، لأنه قتل صغيراً حول العشرين فيما روى، وأصحُّ ما في ذلك قول أخته ترثيه: عددنا له ستَّاً وعشرين حِجَّة *** فلما توفَّاها اسْتَوَى سَيِّداً ضَخْماً فُجِعْنَا به لمَّا رَجَوْنا إيابَه *** على خير حال لا وليداً ولا قَحْماً أنشده المبرِّد، والقَحْم: المتناهي في السن. وعَبيد بن الأبرص: قليل الشعر في أيدي الناس، على قِدَم ذكره، وعِظَم شهرته، وطول عمره، يقال: إنه عاش ثلثمائة سنة وكذلك أبو دؤاد. ولِعَلْقَمة الفَحْل: ثلاث قصائد مشهورات، إحداها قوله: ذَهَبْتِ مِن الهِجران في كل مَذْهَب *** والثانية قوله: طَحَابك قَلْبٌ في الحِسان طَرُوب *** والثالثة قوله: هل ما علمت وما استودعت مكتوم *** وأما عدي بن زيد: فمشهوراته أربع، قوله: أَرَوَاحٌ مُوَدِّعٌ أَمْ بُكُورُ *** وقوله: أتعرفُ رسمَ الدار مِن أُمِّ مَعْبَدِ *** وقوله: ليس شيء على المَنون بباقي *** وقوله: لم أرَ مثل الفتيان في غير ال *** أيام ينسون ما عواقبها وقال أبو عمرو: عَدِيٌّ في الشعراء مثل سُهَيل في النجوم، يعارِضها ولا يجري معها؛ هؤلاء أشعارهم كثيرة في ذاتها، قليلة في أيدي الناس، ذهبتْ بذهاب الرُّوَاة الذين يحملونها. ومن المقلين: سلامة بن جُنْدَب وحُصَيْن بن الحُمام المُرّي، والمتلمِّس، والمسيَّب ابن عَلَس؛ كل أشعارهم قليلة في ذاتها، جيد الجملة، ويروى عن أبي عبيدة أنه قال: اتفقوا على أن أشعر المقلين في الجاهلية ثلاثة: المتلمِّس، والمسيَّب بن علَس، وحصين بن الحُمام المُرّي، وأما أصحاب الواحدة؛ فطَرَفة أولهم، ومنهم عنترة، والحارث بن حلِّزة، وعمْرو بن كلثوم؛ أصحاب المعلقات المشهورات، وعمرو بن معدي كرب، والأشعر بن حُمران الجُعْفى، وسُوَيْد بن أبي كاهل، والأسود بن يَعْفُر، وكان امرؤ القيس مقلاً كثير المعاني والتصرف، لا يصح له إلاّ نيف وعشرون شعراً بين طويل وقطعة.
وأما المغلَّبون: فمنهم نابغة بني جَعْدة، ومعنى المُغلَّب الذي لا يزال مغلوباً؛ قال امرؤُ القيس: فإنك لم يفخر عليك كَفاخِر *** ضعيف ولم يغلبْك مثل مُغَلَّب يعني أِنه إذا قدر لم يبْق، وقد غُلّب على الجَعْدي أوس بن مَغْراء السعدي، وليلى الأَخْيَليَّة وغيرهما، وقيل: إنّ موت الجَعْدي كان بسبب ليلى الأخيلية فرّ من بين يديها فمات في الطريق مسافراً، قال الجُمَحيّ: وكان الجَعْدي مختلف الشعر؛ سُئِل عنه الفَرزدق فقال: مثله مثل صاحب الخُلْقان؛ ترى عنده ثوب عَصب وثوب خَزّ، وإلى جنبه سَمَل كساء، وكان الأصمعي يمدحه بهذا وينسبه إلى قلة التكلف فيقول: عنده خِمار بوافٍ، ومُطْرَف بآلاف. بواف: يعني بدرهم، ومن المغلّبين الزِّبْرِقان، غلبه عَمْرو بن الأهتم، وغلبه المَخبّل السعدي، وغَلَبه الحطيئة، وقال يونس بن حبيب: كان البعِيث مغلّباً في الشعر غَلاّباً في الخُطَب.
فصل: قال ابنُ رَشيق في العمدة: باب في القدماء والمحدثين: كل قديم من الشعراء فهو محدَث في زمانه بالإضافة إلى مَنْ كان قبله، وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: لقد حسُن هذا المولّد حتى هممت أن آمُر صِبيَانَنا برِوَايته، يعني بذلك شِعْرَ جرير والفرزدق، فجعله مولَّداً بالإضافة إلى شعر الجاهلية والمُخضْرَمِين، وكان لا يَعُدّ الشعر، إلاّ ما كان للمتقدمين، قال الأصمعي: جلستُ إليه عشر حِجَج، فما سمعتُه يحتجُّ ببيت إسلامي وسُئِل عن المولَّدين فقال: ما كان من حَسَنٍ فقد سُبقوا إليه، وما كان من قبيح فهو من عندهم ليس النّمط واحداً؛ هذا مذهب أبي عمرو وأصحابه كالأصمعي وابن الأعرابي، أعني أن كلَّ واحد منهم يذهبُ في أهل عصره هذا المذهب، ويقدم مَنْ قبلهم، وليس ذلك لشيء إلاّ لحاجتهم في الشعر إلى الشاهد، وقلةِ ثقتهم بما يأتي به المولَّدون، فأما ابنُ قتيبة فقال: لم يَقْصِر اللّه الشعر والعلم والبلاغة على زمن دون زمن، ولا خَصَّ قوماً دون قوم، بل جعل ذلك مشتركاً مقسوماً بين عباده، في كل دَهْر، وجعل كلَّ قديم حديثاً في عصره.
ثم قال ابن رشيق في باب آخر: طبقاتُ الشعراء أربع: جاهلي قديم، ومُخَضْرَم- وهو الذي أدرك الجاهلية والإسلام- وإسلامي، ومُحْدَث؛ ثم صار المحدثون طبقات: أولى، وثانية؛ على التدريج هكذا في الهبوط إلى وقتنا هذا؛ فليعلم المتأخِّرُ مقدارَ ما بقي له من الشعر فيتصفح أشعارَ مَنْ قبله، لينظرَ كم بين الْمُخَضْرَم والجاهلي وبين الإسلامي والمُخضْرَم، وأن للمحْدَث الأول فضلاً عمن بعده دونهم في المنزلة، ففي الجاهليين والإسلاميين مَنْ ذهب بكل حلاوة وَرشَاقَةٍ، وسبق إلى كل طَلاوة ولَبَاقة. قال أبو الحسن الأخفش: يقال: ماء خَضْرَم، إذا تناهى في الكثرة والسعة، فمنه سُمِّي الرجل الذي شهد الجاهلية والإسلام مُخَضْرَماً، كأنه استوفى الأَمْرَين، قال: ويقال أُذُنٌ مخضرمة، إذا كانت مقطوعة، فكأنه انقطع عن الجاهلية إلى الإسلام. وحكى ابن قتيبة عن الأصمعي قال: أَسْلَم قومٌ في الجاهلية على إبل قطعوا آذانها، فمسِّي كل من أدرك الجاهلية والإسلام مُخَضرَماً، وزعم أنه لا يكون مُخَضْرَماً حتى يكون إسلامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أدركه كبيراً فلم يسلم. قال ابن رشيق: وهذا عندي خَطَأ؛ لأن النابغة الجَعدي ولَبِيداً قد وقع عليهما هذا الاسم، فأما علي بن الحسن، كُراع، فقد حكى: شاعر مُحَضْرَم بحاء غير معجمة مأخوذ من الحضرمة وهي الخَلْطُ؛ لأنه خلط الجاهلية والإسلام. وقالوا: الشعراء أربعة: شاعر خِنْذِيذ، وهو الذي يجمع إلى جَوْدَةِ شعره روايةَ الجيِّد من شعر غيره؛ وسئل رؤبة عن الفحول فقال: هم الرُّوَاة، وشاعر مُفْلِق؛ وهو الذي لا رِوَاية له إلاّ أنه مُجَوِّد كالخِنْذيذ في شعره، وشاعر فقط؛ وهو فوق الرديء بدرجة وشُعرور؛ وهو لا شيء، قال بعض الشعراء: يا رابعَ الشعراء كيف هجوتَنِي *** وزعمت أني مفْحَم لا أنْطِقُ وقيل: بل هم: شاعر مُفْلِق، وشاعر مُطبق، وشُوَيْعِر، وشُعرور، والمُفلق: الذي يأتي في شعره بالفَلْقِ وهو العَجَب، وقيل: الداهية. قال الأصمعي: الشُّوَيْعِر مثل محمد بن حُمران بن أبي حُمران، سماه بذلك امرؤ القيس؛ ومثل عبد العزيز المعروف بالشُّوَيْعِر، قال الجاحظ: والشُّويعر أيضاً عبدياليل من بني سعد بن ليث. وقيل: اسمه ربيعة بن عثمان، وقال بعضهم: شاعر وشُويعر وشُعرور، قال العبدي في شاعر يُدْعَى المفوَّف من بني ضَبَّة ثم من بني خَمِيس: ألا تنهى سراة بني خميس *** شُوَيْعِرَها فُوَيْلِتَةَ الأفاعي فسماه شويعراً، وفَالِتة الأفاعي: دُوَيِبّة فوق الخنفساء؛ فصغَّرها أيضاً تحقيراً له. وزعم الحاتمي أن النابغةَ سُئِل: من أشعر الناس؟ فقال: من استُجيد جيده، وأضحك رديه وهذا كلام يستحيل مثله عن النابغة، لأنه إذا أضحك رَدِيّه كان من سفلة الشعراء؛ إلاّ أن يكون ذلك في الهجاء خاصة، وقال الحطيئة: الشِّعْرُ صعب وطويل سُلَّمُه *** والشِّعْر لا يسطيعه مَن يظلمه إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه *** زلّت به إلى الحَضيضِ قدمُه يريد أن يُعرِبَه فيعجمه وقال بعضهم: الشعراء فاعلمنّ أربعة *** فشاعر لا يُرتجى لمنفعه وشاعر ينشد وسط المَعْمَعة *** وشاعر آخر لا يُجْرى معه وشاعر يقالُ خمر في دَعَه *** قال ابن رشيق: إنما سمي الشاعر شاعراً، لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره. قال ابن خَالَوَيْه في شرح الدريدية: يقال أنشدته مقلَّدات الشعراء؛ أي أبياتهم الطنانة المستحسنة. ويقول آخرون: إن المقلَّد من الشعر ما كان اسم الممدوح فيه مذكوراً في قافيته، ويقال: هذا البيتُ عُقْر هذه القصيدة، أي أجود بيت فيها كما يقال هذا بيت طنان. وفي المقصور والممدود للقالي؛ قال أبو عبيدة في قول النابغة الذبياني: يصد الشاعر الثُّنْيَانُ عني *** صُدُودَ البَكْر عن قَرْمٍ هِجَان قال: الثُّنيان الذي هو شاعر، وأبوه شاعر؛ ككعب بن زهير، وعبد الرحمن بن حسان، ورُؤْبة بن العَجَّاج. وقال أبو عمرو الشيباني: الثُّنْيَان الذي يُسْتَثْنَى، فيقال: ما في القوم أشعر من فلان إلاّ فلان، ففلان المستثنى هو الأفضل الأشعر. وقال الأصمعي، الثُّنيان، الذي تثنى عليه الخناصر في العدد لأنه أول. وقال ابن هشام: هو الذي يُسْتَثنى من الشعراء لأنه دونهم، وقال غيره: الثُّنيان: الضعيف. وقال القالي: الثُّنيان عندي: الذي يُسْتَثنى من القوم رفيعاً أو ضعيفاً، فيقال للدون والضعيف: ثُنْيان، وللرفيع والشاعر: ثُنْيان. وقال القالي في المقصور والممدود: حدثنا أبو بكر بن دريد، قال: ذكر أبو عبيدة وأحسب الأصمعي قد ذكره أيضاً قال: لَقِيَت السِّعلاة حسانَ بن ثابت في بعضُ طُرُقَاتِ المدينة وهو غلام، قبل أن يقول الشعر؛ فبركت على صدره، وقالت: أنت الذي يرجو قومك أن تكون شاعرهم؟ قال: نعم، قالت: فأنشدني ثلاثة أبيات على رويّ واحد، وإلاّ قتلتك فقال: إذا ما تَرَعْرعَ فينا الغُلاَمُ *** فما إنْ يُقالُ له مَنْ هُوَهْ فقالت: ثَنِّه، فقال: إذا لم يَسُدْ قبل شَدِّ الإزار *** فَذلكَ فينا الذي لا هُوَهْ فقالت: ثَلِّثْه، فقال: ولي صاحبٌ مِنْ بني الشَّيْصَبانِ *** فحيناً أقول وحِيناً هُوَهْ فخلَّت سبيله، وقالت: أَولَى لك! قال الأصمعي: يقال السِّعلاة سَاحِرَةُ الجن. فائدة: قال أبو إسْحاق البَطْلَيَوْسي وقد أنشد قول الفرزدق: وما مِثلُه في الناس إلاّ مُمَلَّكاً *** أبُو أمِّه حَيٌّ أبوه يُقَارِبُه هذا وأمثاله وإن كان جائزاً في الإعراب، فليس بِحسَنٍ في الشعر عند ذوي الألباب، لما فيه من وَهْى النَّسْج والاضطراب؛ والشعر إذا أحوج إلى شرح لم يَعُدْ في فاخر المساق ولا قام في الإحسان على ساق، ولا عَذُب في المذاق، فهو مكروه عند الحُذَّاق. ويحتاج الشعر إلى أن يَسْبِق معناه لفظَه، فتستلذّ النفوس روايَته وحفظَه؛ وأول ما ينبغي للشاعر والمتكلم، بيانُ ما يحاوله للعالم والمتعلم، فإن تكلَّم بمقلوب، مَجَّتْهُ الأسماع والقلوب، ولم يتحصل منه الغرض المطلوب، فإن قال قائل: أما ترى في أشعار العرب أمثال هذا قوله: لها مُقْلَتَا أَدْمَاء طل خميلة *** من الوحش ما يَنْفَكّ يَرْعَى عَرارها قيل له: وهذا أيضاً قد أحالَ وهاذى، والعجب ممن تكلف مثل هذا، لِم لَمْ يخفف عن نفسه الكُلْفة والملام، وتعرَّض لأن يُلام، وتَرَكَ بيِّن الكلام وإنما يتفاضل الكلام والشعر بحسن العبارة والدِّيباجة، ورَوْنق الفصاحة حتى تكونَ ألفاظهما كالزجاجة، وإلاّ فالمعاني مُعَرَّضة لكل جيل من أهل التوحيد والشرك، حتى للزَّنْج والتَّتر والتُّرْك؛ لكنهم قصرت بهم ألسنتهم عن بلوغ ما رامُوه من أَرَب، قد تهيَّأ على ألسنة العرب، وأقلُّ ما يجب على المتكلم البيانُ لمخاطبه، وإلاّ كان كخَابِطِ الليل وحَاطِبه، يخاطب العربي بالعجمية، ويخاطب العجمي بالعربية؛ وصناعةُ الشعر أشد حصْراً، وأمد عصْراً، وذلك أن الشاعر إنما هو راغب أو راهب، أو مُعاتب بين يدي ملك؛ فإن حكى عن نفسه وإلاّ كان جديراً بأن يَهْلِك. فمن ذلك ما رواه ابن جِنّي قال: حدثنا أحمد بن زكريا، حدثنا أبو عبد اللّه الغلابي، حدثنا مهدي بن سابق، حدثنا عطاء بن مُصْعَب، حدثنا عاصم بن الحدثان، قال: دخل النَّابغة على النعمان بن المنذر فقال: تَخِفُّ الأرض إنْ تَفْقِدْك يوماً *** وتَبْقى ما بَقيتَ بِها ثَقِيلا فنظر إليه النعمان نَظَرَ غَضْبَان، وكان كعب بن زهير حاضراً فقال: أصلح اللّه الملك إن مع هذا بيتاً ضلَّ عنه وهو: لأنَّكَ موضعُ القِسْطاس منها *** فتمنع جَانِبَيْهَا أن تَمِيلا فضحك النعمانُ، وأمر لهما بجائزتين، فلولا كعب كان قد هلك. فإن كان الشاعر مخاطباً مَنْ دون الملك الأشم بما لا يُفهم، وكان راغباً في دَرِّهم، كان ذلك سبباً لبُطْلان حاجته، وغَيْضِ مُجَاجَتِه، واستهجان شعره، وتحقير أمره، والقدماءُ في هذا أعذر لأنها لُغَتُهم. انتهى.
|